ألا ترى لو قال: لله تعالى علي صوم عمري، يلزمه صوم العمر، ولو قال في عمري يلزمه صوم يوم من العمر، فهذا يبين لك الفرق بين اللفظتين.
وذكر ابن سماعة عن محمد رحمهما الله: إذا قال لها: أمرك بيدك رأس الشهر كان الأمر بيدها، الليلة التي يهل فيها الهلال، ومن الغد إلى الليل، ولو قال لها أمرك بيدك في رأس الشهر كان لها مجلسها حتى تغرب الشمس. قال: ألا ترى أنه لو قال لها أمرك بيدك غداً، كان لها الغد كله، ولو قال في غد، كان على المجلس حتى تغرب الشمس من الغد.
وذكر إبراهيم عن محمد رحمه الله ما يخالف هذا، فقد روي عنه: إذا قال لها: أمرك بيدك رمضان، أو قال في رمضان، فهما سواء، والأمر في يدها رمضان كله، وكذلك لو قال لها: أمرك بيدك غداً أو في غد، فهما سواء.
وفي القدوري روي عن أبي يوسف رحمه الله: أنه إذا قال لها أمرك بيدك إلى رأس الشهر، فلها أن تطلق نفسها مرة واحدة في الشهر، وليس لها أن تطلق (مرة) أخرى في الشهر (٢٤٠ب١) لأنه جعل الشهر وقتاً للطلاق، فإذا طلقت مرة واحدة، فقد استوفت ما جعل إليها فلا تملك إيقاع العدد، فلا يخرج الأمر من يدها بتبدل المجلس ليكون التأقيت مفيداً.
ولو قالت: اخترت زوجي بطل خيارها في اليوم فلها أن تختار نفسها من الغد في قول أبي حنيفة رحمه الله، وقال أبو يوسف رحمه الله: خرج الأمر عن يدها في الشهر كله. ذكر القدوري رحمه الله الخلاف في هذه المسألة على هذا الوجه، وذكر الخلاف في مثل هذه المسألة على عكس هذا.
وصورتها: إذا قال لها: أمرك بيدك هذا الشهر فاختارت زوجها أو قالت: لا أختار الطلاق، خرج الأمر من يدها في جميع الشهر عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، قال أبو يوسف رحمه الله: لا يبطل خيارها في مجلس آخر.
وجه قول من قال: إن خيارها لا يبطل في مجلس آخر: إن ردها لقيامها عن المجلس فإذا لم يبطل قيامها اختيارها في المجلس الثاني كذا الرد.
وجه قول من يقول ببطلان الخيار في المجلس الثاني أن الأمر يتحد في نفسه وقد صادفه الرد صريحاً فبطل في نفسه بخلاف القيام عن المجلس لأنه ليس رداً صريحاً، وإنما هو امتناع عن الاتحاد فيبقى في نفسه إذ لو لم يبق في نفسه لم يكن التأقيت مفيداً.
ولو قال لها: أمرك بيدك اليوم وبعد غد. لم يدخل الليل في ذلك لو اختارت نفسها لا يقع وإن ردت الأمر في يومها، بطل أمر ذلك اليوم فكان لها الأمر بعد غد.
ولو قال لها: أمرك بيدك اليوم وغداً، دخلت الليلة تحت الأمر وإن ردت الأمر في يومها ذلك لم يكن لها الأمر في الغد، هكذا ذكر محمد رحمه الله المسألة في «الجامع الصغير» ، وإن لم تدخل الليلة في الفصل الأول لأن كل واحد من اليومين ذكر منفرداً، واليوم المنفرد لا يستتبع ما بإزائه من الليل وإنما دخل الليل في الفصل الثاني لأنه جمع