للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا وكل الرجل رجلاً أن يطلق امرأته وطلقها وهو سكران، ينظر إن وكله وهو سكران فطلق يقع، وإن وكله وهو صاح وطلقها بعدما صار سكراناً لا يقع، هكذا حكى فتوى شمس الأئمة الحلواني رحمه الله قبل هذا إذا كان الطلاق على مال، أما في الطلاق بغير المال يقع الطلاق على كل حال؛ لأن المطلوب من الوكيل مجرد العبارة إذا كان الطلاق بغير مال، والسكران وغيره في مجرد العبارة على السواء.

نوع آخر في تفويض الطلاق إليها بقوله اختاري

إذا قال لها: اختاري وهو ينوي الطلاق فلها الخيار ما دامت في ذلك الملجس، وإن تطاول المجلس يوماً أو أكثر، وإن قال الزوج: لم أرد الطلاق بقوله: اختاري فذاك ليس بشيء، ويقبل قول الزوج في ذلك إلا أن يكون في حالة الغضب أو في حالة مذاكرة الطلاق أو يكون كرر لفظة الاختيار بأن قال: اختاري اختاري اختاري؛ لأن هذا الكلام لا يذكر على وجه التكرار إلا في حق الطلاق وإن قامت عن مجلسها قبل أن تختار شيئاً بطل خيارها، واعلم بأن الخيار بمنزلة الأمر باليد في جميع ما ذكرنا من الأحكام إلا في حكم واحد، وهو صحة نية الثلاث.

قال: الزوج إذا نوى بالأمر باليد الثلاث صحت نيته؛ وإذا نوى بالتخيير الثلاث لا تصح نيته؛ لأن قوله: أمرك بيدك تفويض الأمر، وأنه يحتمل العموم والخصوص، فأي ذلك نوى صحت نيته، أما قوله اختاري أمر بالفعل وأنه لا يحتمل العموم فلا تصح نية العموم، فإن اختارت زوجها فليس بشيء، روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: خيرنا رسول الله عليه السلام فاخترناه، ولم يكن طلاقاً، وإن اختارت نفسها فهي تطليقة بائنة؛ لأن هذا من جملة ذكر نفس المرأة أو التطليقة أو الاختيارة بأن قال الكنايات ثم التخيير لا يخلو من ثلاثة أوجه:

إما أن يكون في كلامهما ذكر نفس المرأة أو التطليقة أو الاختيارة بأن قال لها: اختاري نفسك، أو قال لها: اختاري تطليقة أو قال: اختاري اختيارة، فقالت المرأة: اخترت نفسي أو قالت: اخترت تطليقة أو قالت: اخترت اختيارة، وفي هذا الوجه يقع الطلاق.

وإما أن يكون في كلام أحدهما ذكر شيء من ذلك إما في كلام المرأة، أو كلام الزوج بأن يقول الزوج: اختاري نفسك اختاري تطليقة أو اختاري اختيارة، فتقول المرأة: اخترت، أو يقول الزوج: اختاري، فتقول المرأة: اخترت نفسي أو تقول: اخترت تطليقة، وفي هذا الوجه يقع الطلاق أيضاً؛ لأنه إذا ثبت ذلك في كلام الزوج ثبت في كلامها لأن كلامها خرج جواباً والجواب يتضمن إعادة ما في السؤال، فلم ينو الاحتمال لا في الخطاب ولا في الجواب.

وإذا ثبت ذلك في كلام المرأة يزول الاحتمال عن الخطاب بالنية، وعن الجواب بالتنصيص أما إذا خلا اللفظان عن ذكر شيء من ذلك لم يقع شيء؛ لأن اختيارها محتمل

<<  <  ج: ص:  >  >>