بين أن يكون لنفسها فيقع، وبين أن يكون لزوجها فلا يقع بالشك، ولا يصير مجمل كلامها مفسراً بنية الزوج، لأن نية الزوج؛ إنما تفسر ليصير الطلاق بيدها، فأما أن يصير المجمل من كلامها مفسراً بنية الزوج فلا (يقع) ولو قال: اختاري اختاري اختاري، ينوي الطلاق بهذا كله فاختارت نفسها فهي طالق ثلاثاً، قال مشايخنا: قول محمد رحمه الله في هذه المسألة وهو ينوي الطلاق بذلك كله يقع اتفاقاً؛ لأن عند تكرار هذه اللفظة لا يحتاج إلى النية على ما مر، وكذلك لو قالت قد طلقت نفسي، أو قالت: أنا طالق، فهو جواب للكل وتطلق ثلاثاً، ولو قال: اخترت تطليقة فهو تطليقة بائنة.h
هشام قال: سألت محمداً رحمه الله عمن قالت لزوجها: خيرني خيرني خيرني فقال: قد فعلت، فطلقت نفسها فهي واحدة بائنة، ولو قالت: خيرني وخيرني وخيرني: فقال: قد فعلت وطلقت نفسها فهي ثلاث.
الحسن بن زياد رحمه الله إذا قال لها (الزوج) : اختاري اختاري اختاري، فقالت: قد الطلب واحدة بطل ذلك كله، رواه عن أبي حنيفة رحمه الله. ولو قال لها: اختاري ثم اختاري، ثم اختاري فاختارت نفسها، ذكر محمد رحمه الله أنها تطلق ثلاثاً واختلف المشايخ فيه: منهم من قال: إن المسألة مأولة.
تأويلها: أنه قال لها: اختاري وسكت ثم قال: اختاري وسكت، ثم قال اختاري وسكت، فقالت: اخترت نفسي وما من كلمة ثم فذلك لفظ محمد رحمه الله لا لفظ الزوج، حتى لو كان ذلك لفظ الزوج بأن قال: الزوج اختاري ثم اختاري ثم اختاري، فقالت: اخترت نفسي، لا تقع إلا الأولى، ويتوقف وقوع الثانية والثالثة على قولها: اخترت ثانياً وثالثاً.
وهو نظير ما لو قال لامرأته: إن دخلت الدار فإنت طالق، إن دخلت الدار فأنت طالق إن دخلت الدار فأنت طالق، فدخلت مرة تطلق ثلاثاً، ولو قال لها: إن دخلت الدار فأنت طالق ثم إن دخلت الدار فأنت طالق ثم إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلت الدار مرة تطلق واحدة ولا يقع الثلاث ما لم تدخل الدار ثلاث مرات كذا ههنا ومنهم من قال (٢٤٣أ١) تقع الثلاث وإن ذكر الثانية والثالثة بكلمة ثم فعلى هذا يحتاج إلى الفرق بين هذه المسألة وبين مسألة الدخول.
والفرق: أن قوله: اختاري تفويض وتمليك نصاً وتعليق اقتضاء، وإذا كان تمليكاً نصاً كانت العبرة للتمليك وجواب واحد يكفي لتمليكات كثيرة حصلت جملة أو مرتبة، فإنه لو قال: بعت هذا منك بكذا، ثم قال وهبتك هذا فقال قبلت كان جواباً للكل أما قوله إن دخلت الدار تعليق نصاً وليس فيه معنى التمليك وفي التعليقات تداعى صفة الشرط لوقوع الطلاق كما تداعى أصل الشرط وصفة الشرط لم يوجد في الثانية والثالثة.
إذا قال: لها اختاري اختاري وقال عقيب الأولى الطلاق وبالتالي إن أفهمها صدق ديانة لا قضاء. إذا قال لها: اختاري الأزواج أو قال: اختاري أهلك ونوى الطلاق فقالت: اخترت الأزواج أو قالت: اخترت أهلي، وقع الطلاق استحساناً.