للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهما ثم يستقبل لأن سؤر الحمار إن كان طاهراً فالنبيذ معه ليس بطهور لأن التوضؤ بالنبيذ إنما يجوز عند أبي حنيفة رحمه الله إذا كان عادماً الماء، فإذا كان السؤر طاهراً لا يكون عادماً للماء فلا يكون النبيذ طهوراً.

وإذا لم يكن السؤر طاهراً فالنبيذ طهور فقد وقع الشك في سؤر الحمار فلهذا يتوضأ بهما. وعند أبي يوسف رحمه الله يمضي (على) صلاته، فإذا فرغ توضأ بالسؤر خاصة وأعاد الصلاة وعند محمد رحمه الله يمضى على صلاته فإذا فرغ توضأ بهما وأعاد الصلاة احتياطاً.

وإذا رأى المتيمم في صلاته سراباً فظن أنه ماء فمشى إليه ساعة فإذا هو سراب فعليه أن يستأنف الصلاة سواء جاوز مكان الصلاة أو لم يجاوز. وإن شك أنه ماء أو سراب واستوى الظنان فإنه يمضي على صلاته لأنه صح شروعه في الصلاة، وإن وقع الشك في الانصراف إن كان ماء فحل له الانصراف، وإن كان سراباً لا يحل له، والحرمة كانت ثابتة بيقين فلا يثبت الحل بالشك فيمضي على صلاته، فإذا فرغ من صلاته ذهب. إن كان ماءً توضأ واستقبل القبلة لأنه متيمم وجد الماء في خلال الصلاة فتفسد صلاته. وإن كان سراباً لا يلزمه الإعادة لأنه أتم الصلاة وهو عادم للماء فلا تفسد صلاته ولا يلزمه الإعادة.

قال: المسافر إذا مرّ في الفلاة بماء موضوع في حب أو نحوه لا ينتقض تيممه وليس له أن يتوضأ منه لأنه وضع للشرب لا للوضوء، والمباح في نوع لا يجوز استعماله في (نوع آخر) إلا أن يكون الماء كثيراً فيستدل بكثرته على أنه وضع للشرب والوضوء جميعاً فحينئذ يتوضأ ولا يتيمم.

وذكر القاضي الإمام أبو علي النسفي رحمه الله عن أستاذه عن الشيخ الإمام الجليل أبي بكر بن محمد بن الفضل رحمه الله أن الماء الموضوع للشرب يجوز منه التوضؤ، والموضوع للوضوء لا يباح منه الشرب.

قال: وإذا اقتدى المتوضىء بالمتيمم ثم رأى المقتدي ماء ولم ير إمامه فسدت صلاة المقتدي دون صلاة الإمام. وكذا إذا أمّ المتيمم المتوضئين فأبصر بعض القوم الماء ولم يعلم به الإمام والآخرون حتى فرغوا فسدت (صلاة) من أبصر خاصة، وهذا قول علمائنا الثلاثة. وقال زفر رحمه الله: لا تفسد صلاته، وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله. وكذلك على هذا الاختلاف إذا أمَّ الرجل قوماً في صلاة الظهر ولم يصل الفجر ولا يعلم به الإمام وقد علم به القوم فصلاة القوم فاسدة استحساناً عند علمائنا الثلاثة، وفي القياس وهو قول زفر رحمه الله: لا تفسد.

وجه القياس وهو أن صلاة المقتدي لو فسدت إنما تفسد بأحد الأشياء الثلاثة، إما بالحدث العمد ولم يوجد وإما برؤية الماء، وذلك لا يضره لأنه متوضىء. وإما بفساد صلاة الإمام وصلاة الإمام صحيحة، فلا معنى لإفساد صلاته، فلا تفسيد صلاته وعلماؤنا رحمهم الله قالوا: إن طهارة الإمام معتبرة في حق المقتدي بدليل أنه لو تبين أن الإمام محدث لم تجز صلاة المقتدي. وطهارة الإمام هنا بتيمم، فيجعل (٢٢أ١) في حق من

<<  <  ج: ص:  >  >>