للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نية ولاستثناء على اليمين الأخيرة، لأن الواو في اليمين الثانية واو القسم لا واو العطف. وقد ذكرنا في مسألة «الجامع» أن الاستثناء على اليمينين عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، فإن كان ما ذكر في «المنتقى» قول الكل، صار عن أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله روايتان في المسألة، وفي «المنتقى» أيضاً: إذا قال: عمرة طالق ثلاثاً إن دخلت الدار وزينب طالق إن دخلت الدار، فهما يمين واحد، وإذا دخلت الدار مرة واحدة وقع الطلاق عليهما، وإن ذكر بعده استثناء فلاستثناء عليهما.

وفيه أيضاً: لو قال: عمرة طالق إن شاءت وزينب طالق إن شاء الله، كان الاستثناء عليهما ولو قال: عمرة طالق إن شاءت، وزينب طالق إن شاءت فهما أمران مختلفان، فإذا ذكر عقيبهما استثناء ينصرف الاستثناء إلى آخرهما وإنه يخالف المذكور في «الجامع» على ما قلنا.

وفي «القدوري» : إذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً وثلاثاً إن شاء الله، وقع الثلاث ولغى الاستثناء في قول أبي حنيفة رحمه الله وقال أبو يوسف ومحمد رحمة الله عليهما: الاستثناء جائز. وعلى هذا الاختلاف إذا قال لها أنت طلق ثلاثاً وواحدة إن شاء الله، ولو قال لها أنت طالق واحدة وثلاثاً إن شاء الله، فالاستثناء صحيح في قولهم جميعاً.

وجه قولهما أن الجمع بحرف الجمع كالجمع بلفظ الجمع ولو جمع بلفظ الجمع، فقال: أنت طالق ستاً إن شاء الله أو قال: أنت طالق أربعاً إن شاء الله، كان الاستثناء صحيحاً في قولهم جميعاً. وكذا ههنا.

وجه قول أبي حنيفة رحمه الله أن العدد الثاني حشو لا يتعلق به حكم، فإن الزوج لا يملك إيقاع أكثر من الثلاث واللغو حشو من الكلام فيصير كالسكوت؛ بخلاف قوله أنت طالق واحدة وثلاثاً إن شاء الله، لأن العدد الثاني تعلق به حكم فلا يصير لغواً، وفاصلاً بين الإيقاع والاستثناء وفي «النوازل» : رجل بلسانه ثقل لا يتم كلامه إلا بعد طول المدة: حلف بالطلاق وأراد الاستثناء التعليق فطال في تردده، إن عُرف أنه هكذا يتكلم يجوز ديانة وقضاء لأنه موصول معنى لمكان العذر.

وفي «النوازل» : إذا قال لها أنت طالق ثلاثاً، فأراد أن يقول: إن دخلت الدار فأخذ غيره فمه وإن قال بعدما خلى فمه موصولاً: إن دخلت الدار، لا يقع؛ لأنه سكت لضرورة، فلا يعتبر فاصلاً، كما إذا اعترض له عطاس أو جشاء.

ولو قال: لله علي أن أتصدق بدرهم أكر، وهو يريد أن يقول أكر فلان كتم فأخذ إنسان فمه، فلم يتم الكلام، فلما رفع يده عن فمه قال: فلان كاركتم، فالأحوط أن يتصدق، والفرق أن الطلاق محظور فيتكلف لإعدامها وأمكن إعدامها بجعل هذا الانقطاع غير فاصل كما لو حصل الانقطاع بعطاس وأما الصدقة عبادة، فلا يتكلف لإعدامها.

وعلى قياس مسألة «النوازل» قالوا: إنما ذكر في الأيمان أن من حلف وأراد أن يقول في آخره: إن شاء الله فشد إنسان فمه إنه يكون استثناء، تأويله إذا ذكر الاستثناء بعد رفع اليد عن فمه متصلاً به. وقد وجدنا في «نوادر هشام» أنه قال سألت محمداً رحمه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>