للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالقول قوله. وكذلك العتق والطلاق والفتوى على ما ذكره شمس الأئمة السرخسي رحمه الله أن دعوى الاستثناء في الطلاق صحيح، وكذا في الخلع إلا إذا ظهر منه ما هو دليل صحة الخلع. وقد وجدت الرواية في «المنتقى» عن أبي يوسف رحمه الله أنه لو قال: طلقتها، ولكن كنت نائماً ألزمته الطلاق، ولو قال: طلقتها ثم استثنيت لم يكن مستثنياً في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله. وبهذه الرواية يتبين أن ما ذكر في «الأصل» قول محمد رحمه الله: وإذا طلق الرجل امرأته فشهد عنده شاهدان أنك استثنيت موصولاً بالطلاق ولا يتذكر هو ذلك ينظر إن كان هو بحال إذا غضب تجرى على لسانه ما لا يحفظ بعده جاز له الاعتماد على قول الشاهدين بناء على الظاهر، وإن لم يكن بهذه الحالة لا يعتمد؛ لأنه بخلاف الظاهر والله أعلم.

نوع آخر في إيقاع عدد من الطلاق واستثناء بعضه

قال هشام: سألت محمداً رحمهما الله عمن قال لامرأته: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة وواحدة، وواحدة قال وقع الثلاث وبطل الاستثناء في قول أبي حنيفة رحمه الله، وفي قولنا: تطلق ثنتين. وعن أبي يوسف رحمه الله إنها تطلق واحدة. فالأصل: أن استثناء البعض من الكل صحيح قلّ المستثنى أو كثر، وإنما ينظر في هذا إلى اللفظ لا إلى الحكم، ألا ترى أنه لو قال لها: أنت طالق أربعاً إلا ثلاثاً صح الاستثناء، وإن كان هذا استثناء الكل من الكل من حيث الحكم؛ لأن ذكر الأربع ذكر للثلاث لأن الطلاق لا يزيد على الثلاث اعتباراً للفظ. وسيأتي شيء من هذا في آخر هذا النوع.

واستثناء الكل من الكل باطل بلا خلاف بين أصحابنا رحمهم الله واختلفت ألفاظ المشايخ فيه: بعضهم قالوا: الاستثناء جارٍ مجرى التخصيص، والتخصيص لا يرد على الكل. وبعضهم قالوا: الاستثناء إذا دخل على الكلام يصير تكلماً بالباقي، ولا بُدّ وأن يكون تكلماً بالكل لا باقياً بعد الاستثناء بعد هذا قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله: الكلام يحمل على الصحة ما أمكن ذلك في مسألتنا في اقتصار الاستثناء على الأولى والثانية عند أبي يوسف رحمه الله، وعلى الأولى عند محمد رحمه الله. وعند ذلك لا يتحقق استثاء الكل من الكل.

وأبو حنيفة رحمه الله يقول: أول الكلام يتوقف على آخره إذا وجد في آخره ما يغير حكم أوله، وبذكر الثالثة يتغير الحكم الأولى والثانية؛ لأن الكل إذا اعتبر جملة يلغو الاستثناء لأنه يصير كأنه قال: أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً.

ولو قال لها: أنت طالق واحدة وواحدة وواحدة إلا ثلاثاً بطل الاستثناء؛ لأنه استثنى الكل.

ولو قال لها: أنت طالق ثنتين وواحدة إلاّ ثنتين فهي ثلاث، وكذلك الجواب فيما إذا بدأ بالواحدة، فقال أنت طالق واحدة وثنتين إلا ثنتين فهي ثلاث، أما إذا بدأ بالواحدة لأن الأصل في الاستثناء أن ينصرف إلى ما يليه، فيصير مستثنياً لكل ما تكلم به نظراً إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>