ما يلي الاستثناء فيلغو. وأما إذا بدأ بالثنتين؛ لأنه لا يمكن صرف الاستثناء إلى الثنتين المذكورتين في صدر الكلام إما لأنه يصير مستثنياً جميع ما تكلم به، وإما لأن الواحدة فاصلة ولا يمكن صرف الاستثناء إلى جملة الكلام لأنه يصير مستثنياً الواحدة المفردة بتمامها.f
فيصير مستثنياً جميع ما تكلم به نظراً إلى الواحدة المفردة.
ولو قال لها: أنت طالق واحدة وثنتين إلا واحدة تقع ثنتان ويصير مستثنياً الواحدة من الثنتين وإنه استثناء البعض من الكل فيصح.
ولو قال: أنت طالق ثنتين (واثنتين) إلا ثنتين صح الاستثناء (و) وقعت ثنتان في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله، ويجعل مستثنياً من كل ثنتين تطليقة تصحيحاً لكلام القائل بقدر الممكن.
هكذا ذكر القدوري رحمه الله في «شرحه» ، وذكر شيخ الإسلام هذه المسألة في «شرحه» ، وذكر أنه ينوي الزوج، فإن عنى استثناء إحدى الثنتين بكماله إما الأولى وإما الأخرى كان الاستثناء (٢٤٩ب١) . باطلاً، وإن نوى واحدة من الثنتين الأوليين وواحدة من الثنتين الأخريين الاستثناء صحيح وعندهما فروي عن محمّد رحمه الله، إذا قال لها: أنت طالق ثنتين واثنتين إلا ثلاثاً، قال: هي ثلاث والاستثناء باطل، وكذلك إذا قال لها: أنت طالق ثنتين، وأربعاً إلا خمساً هكذا ذكر في «القدوري» .
وفي «المنتقى» إذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً وثلاثاً إلا أربعاً فهي ثلاث في قول أبي حنيفة رحمه الله، وهكذا روي عن محمد رحمه الله ويصير قوله ثلاثاً ثانياً فاصلاً بين الأوّل وبين الاستثناء.
وقال أبو يوسف رحمه الله: إنّها تطلق ثنتين، وهو الظاهر من قول محمّد رحمه الله، ولا يصير قوله: وثلاثاً ثانياً فاصلاً، وإذا لم يصر الثاني فاصلاً عندهما. ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في «شرحه» أنّه ينوي هذا الرجل إن قال عنيت الثنتين من الثلاث الأول والثنتين من الثلاث الأخر يصحّ الاستثناء، وما لا فلا. ولم يشترط هذه النية في «المنتقى» ، وكذلك لم يشترط شمس الأئمة الحلواني رحمه الله هذه النية على قولهما، فصار حاصل مذهبهما، كأنّه قال لها: أنت طالق ستاً إلا أربعاً، فروى ابن سماعة عن أبي يوسف رحمه الله فيمن قال لامرأته؛ أنت طالق ثنتين وثنتين وثنتين إلا أربعاً، فهي طالق ثنتين، من حيث المعنى هذه المسألة والمسألة المتقدمة سواء، وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثاً إلا واحدة أو ثنتين، لم تأت قبل أن يختار واحدة أو ثنتين، فهي واحدة، ويجعل الاستثناء على أكثر.
ذكر القدوري رحمه الله في «شرحه» : إذا أوقع أكثر من ثلاث، ثم استثنى كان الاستثناء من جملة الكلام، لا من جملة الثلاث التي يحكم بوقوعها نحو أن يقول: أنت طالق عشراً إلا تسعاً وقعت واحدة، ولو قال: إلا ثماناً وقعت ثنتان، ولو قال إلا سبعاً وقع الثلاث، فقد صحّ الاستثناء في هذه الصورة، وإن كان هذا استثناء الكل من الكلّ؛ لأنَّ هذا استثناء البعض من الكل لفظاً، وقد مر شيء من هذا قبل هذا.