بشهر، فيصحّ من الوقت لما في تصحيحه تصحيح هذا التعليق، ويلغو ما في تصحيحه إبطال هذا التعليق، قلنا: وفي تصحيح القبليّة في المطلقة والمؤقتة إبطال هذا التعليق؛ لأنّه متى تعلق الطلاق بالتزوج يقع الطلاق بعده، ولا يقع قبله، فبقي الإيقاع إبطال هذا التعليق، فأبطلنا ذكر القبلية في المطلقة والموقتة.
وليس في اعتبار الشهر في المؤقتة إبطال هذا التعليق، فاعتبرنا الشهّر في المؤقتة، ويصير تقدير المسألة في المطلقة: إذا تزوجتك فأنتِ طالق، وفي المؤقتة: إذا تزوجتك بعد شهر فأنتِ طالق، ولو نصّ على هذا يصحّ التعليق ويقع الطلاق بعدما وجد الشرط، وهو التزوّج في المطلقة في أيّ وقت وجد، والتزوج بعد الشهر في المؤقتة كذا ها هنا، بخلاف مسألة أوّل الباب؛ لأنّ هناك ما جعل التزوج بشرط، بل جعله موجداً للشرط فيكون وقوع الطلاق مقارناً للتزوج.
فلأبي حنيفة ومحمد رحمهما الله أنَّ المعلق بالشرط والمضاف إلى وقت بعد وجود الشرط، والوقت بمنزلة المرسل، فيصير بعد التزوّج، كأنه قال: أنتِ طالق قبل أن أتزوجك بشهر، وإنّه باطل لا وقوع له، فكذا إذا كان معلقاً وما قال من المعنى، فهو صحيح إذا صحّ التعليق حتّى يلغو ذكر القبلية ضرورة صحّة التعليق، والتعليق ها هنا لا يصح، فكيف يلغو ذكر القبلية.
هذا كلّه على قول عامة المشايخ: إنَّ الخلاف في المطلق والموقت خلاف واحد، وأما على قول بعض المشايخ إنّ الخلاف في المطلق وفي الموقت يقع الطلاق بلا خلاف، يحتاج أبو حنيفة رحمه الله إلى الفرق بين المطلق والمؤقت، والفرق أنّ في المؤقت القبلية صفة الشهر لا صفة الطلاق، وهذا لأنّ الطلاق كما هو مذكور، والشهر أيضاً مذكور والقبلية كما يصلح صفة للطلاق، ومعناه: إذا تزوجتك فالمرأة طالق قبل النكاح بشهر يصلح صفة للشهر، ومعناه: إذا تزوجتك، وقد مضى شهر قبله من وقت هذه المقالة، فجعلناها صفة للشهر حتّى يصلح التعليق (٢٥١ب١) بخلاف المطلق؛ لأنّ القبلية صفة الطلاق هناك؛ لأنّ المذكور هناك الطلاق لا غير، وإذا صارت القبلية في المطلق صفة الطلاق بطل التعليق؛ لأنَّ المعلق باطل، وهذا هو الفرق لكن ما قاله عامّة المشايخ أصحّ؛ لأنَّ القبلية لمّا صلحت صفة الطلاق وصفة الشهر وقع الشك في صحّة التعليق، وفي وقوع الطلاق، فلا يصح ولا يقع بالشك.
صورة الإضافة مع التعليق والشرط لاحق في المطلق والمؤقت إذا قال لأجنبيّة: أنتِ طالق قبل أن أتزوجك أنتِ طالق قبل أن أتزوجك بشهر إذا تزوجتك، فتزوجها لا نص فيه عن محمّد رحمه الله، وقد اختلف المشايخ فيه: بعضهم قالوا لا فرق بينما إذا كان الشرط لاحقاً، وبينما إذا كان سابقاً، وإليه مال شيخ الإسلام رحمه الله؛ لأنّ أوّل الكلام يتوقف على آخره إذا وجد في آخره ما يقلب حكم أوّله، ويصير كأنّه تكلم بكلمة واحدة، وفي حق هذا المعنى تقديم الشرط، وتأخيره سواء، وبعضهم قالوا ها هنا يقع الطلاق بلا خلاف، وإليه مال فخر الإسلام علي البزدوي رحمه الله.