للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجهه أنّ قوله أنتِ طالق قبل أن أتزوجك موجبه وقوع الطلاق للحال، وقوله: أنتِ طالق قبل أن أتزوجك بشهر موجبه وقوع الطلاق مقارناً للتزوج، فإذا أدخل عليه الشرط أوجب تأخيره، ومن ضرورته بطلان صفة القبلية، فيصير قائلاً عند التزوج أنتِ طالق.

فأمَّا إذا قدم الشرط فالشرط ما أوجب تأخير الجزاء، ولكن الجزاء يتأخر عن الشرط؛ لأنّ الحالف تكلّم به بعد الشرط، لا لأنَّ الشرط أوجب تأخيره، وإذا لم يكن تأخير الجزاء بحكم الشرط لم يكن من ضرورته بطلان صفة القبلية، فيصير قائلاً عند التزوج أنتِ طالق، قبل أن أتزوجك أنتِ طالق قبل أن أتزوجك بشهر وهناك لا يقع الطلاق، كذا ههنا.

هذا كلّه إذا حصل الإيجاب في غير الملك، وأما إذا حصل الإيجاب في الملك فله صور، من جملة ذلك ما ذكر في «المنتقى» إذا قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنتِ طالق قبل أن أتزوجك، فهي طالق إذا دخلت الدار، وكذلك إذا قال لها إذا جَاء غد فأنتِ طالق قبل أن أتزوجك، أو قال لها أنتِ طالق غداً قبل أن أتزوجك، فهي طالق غداً.

وقال في «الجامع الصغير» : إذا قال لامرأته: أنتِ طالق قبل أن أتزوجك، أو قال لها طلقتك قبل أن أتزوجك لا يقع شيء. وفيه أيضاً: إذا قال لها أنتِ طالق أمس، وقد تزوجها اليوم لا يقع الطلاق، ولو تزوجها أوّل من أمس يقع الساعة واحدة.

وفي «الجامع الكبير» لو قال لامرأته: أنتِ طالق قبل دخولك الدّار بشهر، أو قال لها أنتِ طالق قبل قدوم فلان بشهر، فدخلت الدار أو قدم فلان قبل تمام الشهر من وقت اليمين لا تطلق؛ لأن الطلاق المضاف إلى وقت موصوف بصفه تنصرف إلى وقت في المستقبل، ولو دخلت الدار بعد تمام الشهر، أو قدم فلان (بعد) إتمام الشهر من وقت اليمين يقع الطلاق؛ لأنّه يصير قائِلاً عند تمام الشهر وعند قدوم فلان أنتِ طالق قبل هذا الشهر، ومن قال لامرأته أنتِ طالق قبل هذا بشهر في الحال تطلق في الحال.

ثمَّ عند علمائنا الثلاثة رحمهم الله يقع الطلاق مقارناً للدخول، ويقتصر الوقوع على وقت القدوم والدخول حتى لو خالعها تطلق في وسط الشهر، ثمَّ دخلت الدار أو قدم فلان لتمام وهي في العدة، لا يظهر بطلان الخلع، خلافاً لزفر رحمه الله.

ولو قال لها: أنتِ طالق قبل موت فلان بشهر، فمات فلان لتمام الشهر، فعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله يقع الطلاق مقارناً للموت، ويقتصر على وقت الموت، وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يقع الطلاق في آخر جزء من أجزاء حياته، ويستند إلى أول الشهر، وعلى قول زفر يقع الطلاق بعد الموت، ويستند إلى أول الشهر.

وثمرة الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله إنّما تظهر فيما إذا قال لها أنتِ طالق قبل موتي بشهر، أو قال قبل موتك بشهر، فعلى قولهما لا يقع؛ لأنّه لو وقع الطلاق بهذا اليمين وقع مقارناً لموت أحد الزوجين، ولا وجه إليه؛ لأنّه حال زوال الملك والطلاق لا يقع في حال زوال الملك، وعند أبي حنيفة رحمه الله يقع الطلاق؛ لأنّ عنده

<<  <  ج: ص:  >  >>