للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالطلاق في الوقتين، أوْ لأنَّ الزوج أوقع الطلاق بأحد وصفين الأخف والأغلظ وهو التعجل والتأخّر فإنَّ المؤخّر أخف من المعجّل.

والأصل في مثل هذا أن يتعين للزوج الأخف؛ لأنّه متيقّن ولهذا قالوا: إن من قال لامرأته أنتِ طالق بائن أو رجعي يقع طلاق رجعي، وكذلك قالوا فيمن قال لامرأته أنتِ طالق ثلاثاً أو واحدة يقع واحدة، وطريقه ما قلنا.

بيان هذا «الأصل» فيما إذا قال لامرأته: أنتِ طالق غداً أو بعد غد، فإنّها تطلق بعد غد وكذلك إذا قال لها أنتِ طالق غداً أو رأس الشّهر، فإنّه يقع الطلاق عند أحديهما إلا إذا نوى أن يقع بكل وقت تطليقة، فحينئذٍ تقع تطليقة غداً وتطليقة بعد غد؛ لأنّه نوى ما يحتمله لفظه بإقامة حرف الواو مقام أو ويصير تقدير المسألة: أنتِ طالق غداً، وبعد غدٍ أو بإضمار كلمة في، ويصير تقدير المسألة أنتِ طالق في غدٍ وفي بعد غدٍ والمضاف إلى الوقتين يقع بأولهما؛ لأنّه وصفها بكونها طالقاً في الوقتين، وإنّما يكون مقصوداً بالطلاق في الوقتين إذا وقع الطلاق بأولهما، وإذا وقع الطلاق عند وجود أوّلهما لا يقع عند وجود آخرهما شيء إذا لم يكن أحد الوقتين كائناً، أو كان أحدهما كائناً وبدأ بالكائن، ففي الحالين جميعاً يقع طلاق واحد عند وجود أوّلهما.

بيان هذا «الأصل» : إذا لم يكن أحد الوقتين كائناً أن يقول لها اليوم: أنتِ طالق غداً، وبعد غد. وبيانه فيما إذا كان أحد الوقتين كائناً وبدأ بالكائن بأن يقول لها اليوم أنتِ طالق اليوم وغداً، فإنّه يقع الطلاق ساعة ما تكلّم، ولا يقع عليها في الغد شيء؛ لأنه وصفها بكونها طالقاً في الوقت الكائن والآتي، وهي الطلقة الواقعة في الوقت الكائن يتصف بالطلاق في الوقت الآتي.

وعلى هذا إذا قال لها في الليل أنتِ طالق في ليلك ونهارك يقع الطلاق عليها ساعة ما تكلم بهذه المقالة، ثمَّ لا يقع في النهار شيء، وهذا إذا لم يكن لها نية، فإن نوى أن يقع بكل وقت تطليقة كان كما نوى، لما قلنا.

وفي «مجموع النوازل» : إذا قال لها: أنتِ طالق اليوم وغداً، يقع واحدة اليوم، وأخرى غداً وأمّا إذا كان أحد الوقتين كائناً وبدأ بالآتي فإنه يقع بكل وقت تطليقة، بأن قال لها اليوم: أنتِ طالق غداً واليوم تقع واحدة ساعة ما تكلم به، وتقع أخرى غداً، وكذلك إذا قال في الليل أنتِ طالق في نهارك وليلك يقع واحدة ساعة ما قال هذه المقالة، ويقع أخرى إذا طلع الفجر؛ لأنّه وصفها بكونها طالقاً في الوقت الآتي ابتداء، وعطف عليه الوقت الكائن، وهي بالطلاق الواقع في الوقت الآتي لا تتصف بكونها طالقاً في الوقت الكائن.

ولو قال لها ليلاً أنتِ طالق في ليلك وفي نهارك، أو قال لها نهاراً أنتِ طالق في نهارك، وفي ليلك، طلقت في كلِّ وقت تطليقة؛ لأنّه جعل كلّ وقت ظرفاً على حدة فاستدعى مظروفاً على حدة، وفيما تقدّم جعل الوقتين ظرفاً واحداً، فاكتفى بمظروف واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>