وعلى هذا إذا قال لها أنتِ طالق ليلاً ونهاراً أو قال في الليل والنهار لم يقع إلا واحدة، ولو قال في الليل وفي النهار، يقع تطليقتان وعلى هذا إذا قال أنتِ طالق في أكلك وشربك، في قيامك وقعودك لم يقع ما لم يوجدا. ولو قال في أكلك وفي شربك، وفي قيامك وفي قعودك فأيهما وجد يقع؛ لأنّه جعل كلَّ فعل شرطاً على حدة فإن نوى طلقة واحدة في قوله في ليلك وفي نهارك ديّن فيما بينه وبين الله تعالى؛ لأنّه نوى ما يحتمله لفظه، وذلك بحذف كلمة في.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمّد رحمه الله: إذا قال لامرأته أنتِ طالق بالنهار، والليل إذا قال ذلك نهاراً طلقت واحدة، وإن قال ذلك ليلاً طلقت ثنتين، ولو قال لها ولم يدخل بها أنتِ طالق غداً واليوم طلقت الساعة واحدة، وإن تزوجها اليوم طلقت إذا جاء غد ولو لم يتزوجها اليوم حتى جاء غد ثم تزوجها لا تطلق.
وأمّا إذا كان أحد الوقتين كائناً والآخر ماضياً لم يذكر هذه المسألة في الأصول، وإنّما ذكرها في «النوادر» ؛ ووضعها في غير المدخول بها، فقال: إذا قال لها أنتِ طالق أمس واليوم فهي واحدة لأنا لو أوقعنا أمس بها تطليقة ممّا سمى بعد ذلك يكون باطلاً، ولو قال أنتِ طالق اليوم وأمس كانت طالقاً ثنتين، كأنّه قال لها أنتِ طالق ثنتين.
وفي «مجموع النوازل» : إذا قال لامرأته أنتِ طالق اليوم فأمس فهي واحدة، هذا هو الكلام في المضاف.
جئنا إلى المعلّق، فنقول: المعلق بأحد الفعلين يقع بأولهما لأن الحالف جعل أحد الفعلين شرطاً، وإنّما يكون أحدهما شرطاً إذا وقع الطلاق بأولهما، بيان هذا الأصل: إذا قال لها أنتِ طالق إذا جاء رأس الشهر أو إذا قدم فلان، فأيهما وجد أولاً يقع الطلاق ثمَّ لا يقع عند الآخر شيء؛ لأنَّ المعلق (٢٥٣أ١) طلاق واحد، إلا أن ينوي بكل فعل تطليقة، فيكون كما نوى؛ لأنّه نوى ما يحتمله لفظه؛ لأنه يذكر بمعنى الواو، قال الله تعالى {وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الاْرْضِ يَنْبُوعًا أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مّن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ}(الإسراء: ٩٠، ٩١) ومعناه وتكون لك ويصير تقدير المسألة أنتِ طالق إذا جاء رأس الشهر، وإذا قدم فلان.
وأمّا المعلق بالفعلين، فهو على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون الجزاء مقدماً على الفعلين، وإنّه على وجهين:
أمّا (إن) ذكر للثاني حرف الشرط، بأن قال لها: أنتِ طالق إذا قدم فلان وإذا قدم فلان آخر، وفي هذا الوجه أيّهما قدم أوّلاً يقع الطلاق ولا يقع بالثاني شيء إلا إذا نوى ذلك.
وأمّا إن لم يذكر للثاني حرف الشرط، بأن قال لها أنتِ طالق إذا قدم فلان وفلان، وفي هذا الوجه لا يقع الطلاق ما لم يقدما، والفرق أنَّ قوله أنتِ طالق إذا قدم فلان وإذا قدم فلان يمين تامّه؛ لأنّه ذكر شرط وجزاء، فإذا ذكر للثاني حرف الشرط، فالثاني تامّ في معنى الشرطية، ناقص في معنى الجزائية، فصار جزاء الشرط الأوّل جزاء له بحكم