متيمماً وخلفه متوضئون فأحدث واستخلف متوضىء ثم وجد الإمام الأول الماء فسدت صلاته لأنه متيمم رأى الماء في خلال الصلاة فتفسد صلاته، ولا تفسد صلاة القوم ولا صلاة الخليفة لأن الإمامة تحولت إلى الثاني، وصار الإمام الأول مقتدياً بالخليفة كواحد من القوم. وفساد صلاة واحد من القوم لا يوجب فساد صلاة غيره، كما لو تقيأ متعمداً أو قهقه أو تكلم فسدت صلاته، ولا يوجب ذلك فساد صلاة غيره.
وإن كان الأول متوضئاً والخليفة متيمماً فوجد الخليفة الماء فسدت صلاته وصلاة الإمام الأول والقوم جميعاً لأن الإمامة تحولت إلى الثاني وصار الإمام الأول مقتدياً بالثاني على ما ذكرنا وقد فسدت صلاة الإمام الثاني برؤية الماء، وفساد صلاة الإمام يوجب فساد صلاة القوم.
وهذا التفريع إنما يتأتى على مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله لأن عندهما اقتداء المتوضىء بالمتيمم جائز، فأما على مذهب محمد رحمه الله لا يتأتى هذا التفريع لأن من مذهبه أن اقتداء المتوضىء بالمتيمم لا يجوز والله أعلم.
(نوع آخر) من هذا الفصلفي المتفرقات
ويصلي الرجل بتيممه ما شاء من الصلوات من الفرائض والنوافل والفوائت ما لم يحدث، أو تزول العلة أو يجد الماء. قال الشافعي: يصلي بتيمم واحد فرضاً واحداً وما شاء من النوافل، وحاصل الخلاف يرجع إلى أن حكم التيمم عند عدم الماء مادي:
قال أصحابنا رحمهم الله: حكمه زوال الحدث مطلقاً من كل وجه إلى وقت الحدث كما في الماء، إلا أن في الماء الزوال يؤقت إلى غاية الحدث. وفي التيمم يؤقت إلى غاية الحدث أو وجود ماء أو زوال العلة. وعند الشافعي: حكمه رفع الحدث مقدراً بالحاجة إلى فرض الوقت كما في طهارة المستحاضة والصحيح مذهبنا لقوله عليه السلام: «التراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء» ، فإن وجد ولم يتوضأ به ثم حضرت الصلاة فلم يجد الماء أعاد التيمم لأنه لما وجد الماء بطل تيممه والباطل لا يعود. وقد مرت المسألة من قبل.
قال: إذا أجنب المسافر ووجد (من) الماء قدر ما يتوضأ به لا غير فإنه يتيمم ولا يتوضأ به عندنا، وقال الشافعي رحمه الله يتوضأ بذلك الماء ثم يتيمم، وقد مرت المسألة أيضاً، وكذلك على هذا الاختلاف: المحدث إذا كان معه من الماء ما يكفيه لغسل بعض الأعضاء يتيمم عندنا، وعند الشافعي يستعمل الماء فيما يكفيه ثم يتيمم.
احتج الشافعي بظاهر قوله تعالى:{فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً}(النساء: ٤٣) الله تعالى ذكره منكراً، والمنكر في موضع النفي يعم، فيتناول القليل والكثير، فما دام واجداً لشيء من الماء لا يكون له أن يتيمم، والفقه فيه: وهو أن الضرورة لا تتحقق إلا بعد استعمال الماء فيما يكفيه، فهو كمن أصابته مخمصة ومعه لقمة من الحلال لا يكون له أن