للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا الرسالة فليست إثبات شيء للرسول؛ لأنّ الرسول ينقل عبارة المرسل، كأنَّ المرسل بنفسه حضر بنفسه وقال ذلك، ولو صحّ الرجوع من غير علمه لا يكون ذلك غروراً في حقّ نفسه، وكذلك لو رجعت بعد تبليغ الرسالة قبل قبول الزوج صحّ رجوعها أيضاً وإن لم يعلم الرسول بذلك، وكذلك هذا الجواب في البيع والعتق والنكاح والإجارة إذا رجع المرسل قبل قبول المرسل إليه صح رجوعه، وإن لم يعلم الرسول به.

وإذا قالت المرأة لزوجها: اخلعني على ألف درهم، ثمَّ رجعت من غير علم الزوج لا يصحّ رجوعها؛ لأنَّ هذا توكيل منها للزوج والتوكيل لا يقبل الرجوع من غير علم الوكيل.

أمر رجلاً أن يخلع امرأته، فليس للمأمور أن يخلعها إلا بمال، رواه بشر عن أبي يوسف رحمه الله. وروى ابن سماعة عن محمّد رحمه الله: أنّه لو خلعها بغير مال كان طلاقاً بائناً بلا مال، وَكّل رجلين بالخلع بألف درهم فخالعها أحدهما بألف درهم وأجاز الآخر ذلك لم يجز، وإن قال أحدهما: قد خلعها وقال الآخر: قد خلعها، فهو جائز. هشام عن محمّد: إذا وكّل الزوج رجلاً بأن يخلع إمرأته إن تركت مهرها، فتركت فقال الوكيل: طلقتك ثلاثاً لا يقع شيء في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله. قال محمّد رحمه الله: ونحن نرى أنّه يقع واحدة بجميع المهر.

وفي «الأصل» أيضاً: إذا قال لغيره إخلع امرأتي، فإن أتت فطلقها بانت المرأة بالخلع، فطلقها الوكيل، ثمَّ قالت: أنا أختلع، فخالعها جاز إن كان الطلاق رجعياً، وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: رسول المرأة إلى زوجها إذا قال لها: طلقها أو أمسكها، فقال الزوجة أمسكها ولكن أطلقها، فقال الرسول: أبرأتك على جميع مالَها عليك، فطلقها الزوج، ثمَّ أنَّ المرأة أنكرت أن تكون أمرت رسولها بالإبراء والرسول يدّعي، فإن ادّعى الزوج توكيلها للرسول بذلك فالطلاق واقع وهي على حقّها لأنَّ إقرار الزوج يصح فيما يملك لا فيما لا يملك. وإن لم يدّع الزوج توكيلها للرسول بذلك فهو على قسمين: إن كان الرسول قال للزوج أبرأتك عن حقّها عليك على أن تطلقها على ما ذكرنا، والطلاق غير واقع فهي على حقّها؛ لأنَّ إيقاع الطلاق بالمهر يتوقّف على إجازتها، وإن لم يكن قال الرسول على أن تطلقها، أو فطلقها، فالطلاق واقع وهي على حقّها؛ لأنّ....

ولو أنَّ قوماً جاؤوا إلى رجل وزعموا أنَّ امرأته وكّلتهم باختلاعها منه، فخالعها معهم على ألف درهم وأنكرت التوكيل، إن ضمنوا بدل الخلع للزوج فالطلاق واقع؛ لأنّ خطاب الخلع جرى بين الزوج وبين الأجنبي وضمن الأجنبي بدل الخلع، وفي مثل هذا يشترط قبول الأجنبي على ما مرّ، وإن لم يضمنوا فهذا على وجهين، إمّا أن يدعي الزوج أنّها وكلتهم أو لم يدع إلى آخر ما ذكرنا في المسألة المتقدّمة، هذا إذا خالع الزوج

<<  <  ج: ص:  >  >>