معهم. وأمّا إذا باع منهم تطليقة بألف درهم، قال الفقيه أبو القاسم الصفّار رحمه الله: وقع الطلاق وجد منهم الضمان أو لم يوجد؛ لأنّ لفظ الشراء لفظ الضمان، قال الفقيه أبو بكر الإسكاف رحمه الله: هذا والأوّل سواء وعليه الفتوى.
وإذا وكّل الرجل رجلاً بطلاق امرأته، فطلقها بمهرها ونفقة عدّتها أو خالعها على ذلك، قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله: يجوز ذلك كانت مدخولاً بها أو غير مدخول؛ لأنَّ الغالب من عادات النّاس أنّهم يريدون بالتوكيل بالطلاق (٢٦٥ب١) الطلاق بجعل، لكن هذا الوجه غير مختار؛ لأنَّ هذا يقتضي أنَّ الوكيل بالطلاق إذا طلّق مطلقاً أنّه لا يجوز، وهذا بعيد، وقال الفقيه أبو بكر الإسكاف رحمه الله مرّة: لا يجوز من غير تفصيل بين المدخول بها وغير المدخول؛ لأنه وكلّه بالتنجيز وقد أتى بالتعليق، وهذا التعليل يوجب التسوية بين المدخول بها وغير المدخول بها، وبه كان يفتي الشيخ الإمام ظهير الدين المرغيناني رحمه الله، وهو اختيار الفقيه أبي الليث رحمه الله. وقال الفقيه أبو بكر الإسكاف رحمه الله مرّة أخرى: إن كانت المرأة مدخولاً بها لا يجوز وإن لم يكن مدخولاً بها يجوز، وهكذا حكي عن الفقيه أبي القاسم الصفّار، وهو اختيار الصدر الشهيد رحمه الله في «واقعاته» . والوجه في ذلك أنَّ المرأة إذا لم تكن مدخولاً بها، فهذا من الوكيل خلافٌ إلى خير؛ لأنّه وكّله بطلاق يقطع النكاح مجاناً، وقد أتى بطلاق قطع النكاح بعوض ولا يعدّ ذلك خلافاً وإذا كانت مدخولاً بها. هذا من الوكيل خلاف إلى شرَ؛ لأنّه وكله بطلاق بغير عوض، والطلاق بغير عوض في المدخول بها لا يقطع النكاح، وقد أتى بطلاق قطع النكاح، فكان هذا خلافاً إلى شرَ فاعتبر خلافاً.
وفي «فتاوى أبي الليث» : رجل قال لغيره: طلّق امرأتي على أن تخرج من البيت، ولا تُخرِجْ منه شيئاً ففعل ثمَّ اختلفا، فقال الزوج: أخرجت، وقالت: المرأة لم أُخْرِج، فالقول قول الزوج؛ لأنّه ينكر شرط وقوع الطلاق. قال الصدر الشهيد في «واقعاته» : في المسألة نوعان إيهام أنه أراد بقوله طلّق امرأتي على شرط أن لا تخرج من البيت، علّق طلاقها بشرط أن تخرج من البيت ولا تخرج منه شيئاً، فهذا صحيح؛ لأنَّ المعلّق بالشرط عُدِمَ قبل وجود الشرط، فالزوج بقوله: أخرجتَ شيئاً من البيت أنكر شرط وقوع الطلاق فالقول قوله، وإن أراد بقوله: طلقها على شرط أن لا تخرج من البيت شيئاً. قل لها: أنتِ طالق على أن لا تخرجي من البيت شيئاً، فهذا الجواب غير صحيح، لأنها إذا قبلت ينبغي أن يقع الطلاق للحال أخرجت شيئاً أو لم تخرج، فإنَّ الرواية محفوظة فيما إذا قال: أنتِ طالق على أن تعطيني ألف درهم ففعلت تطلق وإن لم تعط الألف، وكذلك إذا قال لها: أنتِ طالق على دخولك الدّار، يقع الطلاق إذا قبلت دخلت أو لم تدخل؛ لأنّه استعمل الدخول استعمال العوض فكان الشرط قبوله لا وجوده.
قال محمّد رحمه الله في «الأصل» : إذا وكلت المرأة صبيّاً أو معتوهاً أن يخالعها من زوجها كان التوكيل صحيحاً؛ والصبيِّ والمعتوه في هذا كالبالغ، وفيه نوع إشكال؛ لأنّ الصبي لا يملك هذا العقد لنفسه، فكيف يملك لغيره، والجواب: إنّما لا يملك