الجمع والمقارنة، فإنّ فك الرقبة إنّما ينفع إذا كان معه إيمان، وعامّة مشايخنا على أنّه لا صحّ نيته؛ لأنَّ كلمة ثمَّ لغة للترتيب على سبيل التراخي لا للمقارنة، ولا للجمع، وفي الآية ما ثبت الجمع والقِرَان بكلمة ثمَّ وإنّما ثبت بكلام كان بقوله:{ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْمَرْحَمَةِ}(البلد: ١٧) ؛ لأنَّ كلمة كان يعبّر بها عن الماضي يعني مع وجود هذه الأفعال كان من قبل مؤمناً، والله أعلم.
نوع آخر: في بيان حروف الشرط
يجب أن تعلم أن حروف الشرط أن، وإذا وما، ومتى، وبينما ومَنْ، وما، وكل، وكلّما، هذا هو المذكور في كتب عامة المشايخ، وذكر القدوري رحمه الله أن شروط الإيمان ستة: إذا، وإذا ما، وإن، ومتى، ومهما، وكلما والأصل كلمة إن فهي شرط محض، وما سواها ففيها معنى الوقت، قال: وهذه حروف تتعلّق بالأفعال المستقبلة دون الماضي؛ لأنَّ الشرط ما يكون على خط الوجود، وذلك يكون في المستقبل دون (٢٦٧أ١) الماضي وتختصّ بالأفعال دون الأسماء؛ لأن الآخرية تختص بالأفعال دون الأسماء، من قال وبهذا قيل: إنَّ كلمة كل ليست بشرط على الحقيقة؛ لأنّ الذي يليه اسم على ما نبيّن بعد هذا إن شاء الله تعالى، لكن جعل بمعنى الشرط إذا وصف الاسم بفعل كقوله: كلّ امرأة أتزوجها، وكلّ عبد أشتريه، فأخذ معنى الشرط من حيث وصف الاسم بالفعل، كأنّه قال: إن تزوجت، إن اشتريت.
قال: ويستوي إن دخل على فعله أو فعل غيره لأنَّ الشرط علم على نزول الجزاء، وفي حقّ العلميّة لا فرق بين فعله وبين فعل غيره، أما لفظ «كه» ، قال امرأته طالق ثلاثاً «كه آين كاريكى» ، فإن لم يتعارفوا التعريف بقوله «كه» يقع للحال؛ لأنّه تحقيق، وإن لم يتعارفوا التعليق إلا به لا تطلق ما لم يوجد الشرط؛ لأنّ المعروف كالمشروط، وإن تعارفوا التعليق بهذا وبصريح الشرط؛ ذكر الفضلي في فتاويه؛ أنّه يقع الطلاق للحال وبعض مشايخنا قالوا لا يقع وهو الأصح.
وقد روى ابن سماعة عن أبي يوسف أنّه إذا قال لامرأته: أنتِ طالق لدخلت الدار، فإن لم يكن دخل الدار تطلق، وإن كان دخل الدار لا تطلق، وهذا وما لو قال أنتِ طالق إن لم أكن دخلت الدّار سواء، فقد اعتبر قوله لدخلت الدار شرطاً ولفظ «كه» ترجمة قولهم لدخلت، والله أعلم.
نوع آخر
إذا علّق طلاق امرأته بفعل إن حصل التعليق بكلمة إن وإذا وإذا ما ومتى ومهما، فهذا على مرّة واحدة، حتّى لو فعلت ذاك الفعل مرّة وقع الطلاق، ولو فعلت ذلك الفعل مرّة أخرى لا يقع الطلاق، وإن حصل التعليق بكلمة كلّما فكلّما تكرّر ذلك الفعل يتكرّر الطلاق حتّى يستوفي طلاق الملك الذي حَلف عليه، ثمَّ يبطل اليمين حتّى لو تزوّجت