وفي «المنتقى» : إذا قال لها أنتِ طالق إن خرجت إلا بأمري، فالأمر أن يسمعها الأمر بنفسه أو رسوله، وإذا أشهد قوماً على ذلك لم يكن أمراً قال ثمّة، وهذا الخلاف الإذن على أصله؛ لأنَّ حكم الأمر لا يثبت إلا بعد علم المأمور، كأوامر الشرع بخلاف الإذن؛ لأنَّ المقصود من الإذن أن لا يكون الخروج مع كراهية، وانعدام الكراهية لا يتوقف على علمها، ولو أنَّ هؤلاء الذين أشهدهم الزوج على الأمر بلغوها أنَّ الزوج قد أمرها بالجواب، وإن لم يأمرهم أن يبلغوها فخرجت، فهي طالق وإن أمرهم أن يبلغوها، فخرجت بعد ذلك لا تطلق. وفي الإرادات والهواء والرضاء لا يشترط رضاه، وأراد به حتّى لو خرجت بعدما قال رضيت أردت هديت لا تطلق، وإن لم تسمع هي ذلك، فلا خلاف إنّما الخلاف في الإذن والأمر، وفي هذا الموضع أيضاً إذا قال لها إن خرجت من هذه إلا بإذني، فأنتِ طالق ثمَّ سمع سائلاً، فقال لها: أعطِ هذه السائل هذه الكسوة، فإن كان السائل بحيث لا تقدر المرأة على دفع ذلك إليه إلا بالخروج، فهو إذن لها بالخروج وإن كان بحيث تقدر المرأة على دفع ذلك إليه من غير خروج، ثمَّ خرج السائل إلى الطريق فخرجت إليه وأعطته طلقت، ولو دعته فجاء حتّى صار بحال تقدر المرأة على دفع ذلك إليه من غير خروج، فلم تدفع إليه حتّى انصرف، فخرجت إليه ودفعت ذلك إليه طلقت أيضاً. ولو حلف بطلاق امرأته على جاريته أن لا تخرج من الدّار إلا بإذنه، وهي تشتري لها الحوائج، فقال لها: اشتري بهذه الدراهم لحماً، فهو إذن لها بالخروج، وإذا خرجت بعد ذلك لا تطلق امرأته.
وفيه أيضاً: إذا قال لامرأته: إن خرجت إلا بإذني فأنتِ طالق، فاستأذنيه بالخروج إلى أبيها، فأذن لها فخرجت إلى منزل أخيها لا تطلق من قبل أنّه إذن لها بالخروج ولا..... ذهبت إلى الذي أمرها به أو إلى غيره من قبيل أنَّ اليمين ها هنا على الإذن في الخروج إلى أبيها، فأذن لها فخرجت إلى أخيها طلقت.
وفي «النوازل» إذا قال لها: إن خرجت بغير إذني فأنتِ طالق، فاستأذنه نية للخروج إلى بعض أهلها فأذن لها، فلم تخرج إلى ذلك لكنّها كانت تكنس الدّار فخرجت إلى باب الدّار لتكنس الباب وقع الطلاق؛ لأنّها خرجت بغير إذن؛ لأنّه إنّما أذن لها في الخروج إلى بعض أهلها ولم تخرج إلى بعض أهلها، فإن تركت الخروج ثمَّ خرجت في وقت آخر إلى بعض أهلها الذي أذن لها في الخروج؛ قال: أخاف أن يقع الطلاق عليها؛ لأنَّ هذا إذن في الخروج في هذا الوقت عادة.
وفي «المنتقى» : إذا قالت المرأة لزوجها: ائذن لي في الخروج إلى بيت أبي فقال: إن أذنت لك في ذلك فأنت طالق ثمَّ قال لها: أذنت لك في الخروج، ولم يقل إلى أين لا يحنث في يمينه، وهذا بخلاف ما لو استأذن الغلام مولاه في تزوّج أمة رجل، فقال له المولى: إن أذنت لك في تزوّجها فامرأته طالق، ثمَّ قال بعد ذلك: قد أذنت لك في تزوّج