للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا نوى الجزء الذي يكون في المستقبل، فقد نوى ما يحتمله لفظه فصحت نيته، ولو قال: إن حضت غداً فأنتِ طالق، وهو يعلم أنها حائض فهذا على هذه الحيضة، فإذا دام حتّى انشقّ الفجر من الغد طلقت بعد أن تكون تلك الساعة تمام الثلاث أو زائداً على الثلاث؛ وهذا لأنّه إذا كان عالماً بحيضها لا يكون من قصده تعليق الطلاق بدون حيضة أخرى؛ لأنّ ذلك مستحيل، فكان قصده تعليق الطلاق باستمرار ذلك، وإنّما اعتبرنا تمام الثلاث؛ لأنّ الدّم إذا انقطع فيما دون الثلاث لا يكون حيضاً، وإن كان لا يعلم بحيضها فهذا على حدوث الحيض في الغد.

وكذلك إذا قال لها إن حممت وهي محمومة، أو قال إن صدعت وهي مصدوعة، فهذا على التفصيل الذي قلنا في الحيض والمرض. ولو قال وهي صحيحة: إن صححت فأنتِ طالق وقع الطلاق حين سكت يعني في الحال، وكذلك إذا قال لها: إن أبصرت أو سمعت فهي طالق وهي سمعة بصرة وقع للحال؛ لأنّ هذا ليس بمعنى حادث فيتعلّق اليمين بوجودها.

قال: وأمّا القيام والقعود والركوب والسكنى فهو على أن يمكث ساعة بعد اليمين، وأمّا الدخول فلا يكون من داخل إلى خارج وهذا المعنى لا يبقى، وكذلك الحبل هو ابتداء العلوق، وكذلك الشرب والأكل على الحادث بعد اليمين، ولو قال: أنتِ طالق ما لم تحيضي أو ما لم تحبلي وهي حائض أو حبلى، فهي طالق حين سكت إلا أن يكون ذلك منها حين سكوته، فإن نوى ما بقي فيه من الحيض والحبل ديّن في الحيض فيما بينه وبين الله تعالى، ولم يديّن في الحبل؛ لأنّ الحيض داء آخر وما يزداد يسمّى حيضاً، والحبل لا يزداد، وهذه الجملة من «القدوري» .

وفي «الأصل» : إذا قال لها: إذا حضت حيضة فأنتِ طالق، وإذا حضت حيضتين فأنتِ طالق، فحاضت حيضة وقع عليها تطليقتان، وكانت الحيضة الأولى كمال الشرط في اليمين الأولى وبعض الشرط في اليمين الثانية، ولو قال: إذا حضت حيضة فأنتِ طالق ثمَّ إذا حضت حيضتين فأنتِ طالق، فحاضت حيضة حتّى وقع الطلاق باليمين الأولى، لا يقع الطلاق باليمين الثانية ما لم تحض بعد ذلك به حيضتين أخراوين عملاً بكلمة ثمَّ، فإن قال: عنيت به الأوّل صدّق ديانة لا قضاء؛ لأنّ ثمَّ لا تكون للتعقيب، فكان ناوياً ما يحتمله لفظه إلا أنّه خلاف الظاهر.

وفي «البقالي» : إذا قال لها: إذا حضت فأنتِ طالق، ثمَّ قال كلّما حضت حيضتين فأنتِ طالق وقع بأوّل الحيضة طلاق وبانقضائها، وحيضة أخرى بعدها تقع تطليقة أخرى.

وفي «الجامع» : إذا قال لها: إذا حضت حيضة، فأنتِ طالق لا تطلق ما لم تحض وتطهر؛ لأنّ الحيضة مع الهاء اسم للكامل منها وكمالها (٢٧٣ب١) بالطهر.

ولو قال لها: إذا حضت نصف حيضة، فكذلك الجواب لا تطلق ما لم تحض وتطهر؛ لأنَّ الزوج ذكر النصف مطلقاً، واسم النصف عند الطلاق يقع على الشائع، وذلك لا يوجد حتّى بينهنّ، ولو قال لها: إذا حضت نصف حيضة فأنتِ طالق، وإذا حضت نصفها الأخرى فأنتِ طالق، فحاضت حيضة طلقت ثنتان؛ لأنّه وجد كلا النصفين سابقاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>