عن محمّد رحمه الله فيمن قال لغيره: إن ضربتني ولم أضربك فامرأته طالق، هذا على الفور قال: ولم تكون على وجهين: على قبل وبعد، فإذا كان على بعد فهو على الفور، وإذا كان على قبل فهو على ذلك، قال وقوله: إن ضربتني ولم أضربك فهذا على الماضي عندنا، كأنّه قال: ضربتني، ولم أكن ضربتك قبل ضربك إياي فكذا وإن نوى بعد فهو على (ما) نوى، ومعناه: إن ضربتني ابتداء فلم أضربك بعد ذلك فكذا، فهو على ما نوى، ويكون على الفور، والحاصل: أنّ كلمة «لم» قد تقع على الأبد كقوله: إن أتيتني ولم آتك إن زرتني ولم أزرك، فهذا على الأبد وقد يقع على الفور، والمعتبر في حمله على أحدهما معاني كلام النّاس، وكذلك قد تقع هذه الجملة على قبل وقد تقع على بعد، والمعتبر في حمله على أحدهم معاني كلام النّاس، أو يوجد منطق يستدل به عليه، وما كان شبيهاً نحو قوله: إن كلمتك ولم تكلمي، فهذا على قبل وبعد، فإن نوى شيئاً فهو على ما نوى، وإن لم يكن له نيّة فإنَّه إنْ فعل فقد برَّ في يمينه، ولو قال: إن كلمتني ولم أكلمك فهو على المستقبل والفور؛ لأنّ الجواب لا يصحّ إلا بتقديم الكلام، وإنّما حمل على الفور باعتبار العادة.
وعن محمّد رحمه الله فيمن قال: كلُّ جارية أشتريها فلا أطؤها فكذا، فهو على الوطء ساعة يشتري، فإن قال: فإن لم أطأها فهذا على ما بينه وبين الموت، ومتى وطئها برَّ في يمينه؛ لأن إنْ شرط لا يقتضي التعجيل، وعن أبي يوسف رحمه الله: فيمن قال لغلامه: إن لم تأتني حتّى أضربك فكذا، فأتى قال متى ضربه برّ في يمينه، إلا أن ينوي أن يضربه ساعة ما يأتي، وكذا إذا لم يأتِ ساعة ما أمره وأتاه في وقت آخر؛ لأنّه ليس في لفظه ما ينبىء عن التعجيل فلا يحمل على الفور إلا بدلالة.
وعن محمّد رحمه الله فيمن قال: إن لم أشترِ اليوم عبداً فأعتقه فامرأته طالق، فاشترى عبداً ووهبه ثمَّ اشترى آخر فأعتقه، قال: اليمين على العبد الأوّل وتطلق امرأته؛ لأنّ تقدير كلامه: أشتري اليوم عبداً فأعتقه، فإن لم أعتقه فكذا، فحين اشترى عبداً فقد انعقد عليه اليمين إذ لا مزاحم له فلا يدخل غيره تحت اليمين.
وعن محمّد رحمه الله: قال لغيره: إن بعثت إليك فلم تأتني فكذا، فبعث إليه فأتاه ثمَّ بعث إليه فلم يأته حنث في يمينه؛ لأنّ اليمين لم تسقط بإتيانه، وكذلك إذا قال: إن بعثت إليَّ فلم آتك، فبعث إليه، فأتاه ثمَّ بعث إليه فلم يأته حنث في يمينه.
وروى المعلّى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهم الله: إذا قال لغيره: إذا فعلت كذا فلم أفعل كذا فامرأته طالق، فلم يفعل ما قال على إثر المحلوف عليه طلقت امرأته. ولو قالت: إن فعلت كذا ثمَّ لم أفعل كذا فهو على الأبد، قال أبو يوسف رحمه الله: هما سواء وهو على الفور.
وعن أبي يوسف رحمه الله فيمن قال: إن أحدّث فلاناً لأضربنّه مائة سوط، فحدّثه