يقول: في المسألة روايتان، على رواية «الجامع» يقع الطلاق إذا حاضت حيضتين بعدما تزوّجها، وعلى رواية «الأصل» لا يقع، وهذا القائل يقول بأنَّ الثابت بكلمة كلّما في الحال يمين واحدة (٢٧٤ب١) على رواية «الأصل» ، ويتجدّد انعقادها مرّة بعد مرّة كلّما حنث يتجدّد بيمين أخرى، فإذا لم يكن في ملكه ولا تجدّد به حال تمام الشرط الأوّل الذي هو حال انعقاد اليمين الأخرى لم تنعقد الأخرى؛ لأنّ اليمين لا تنعقد في غير الملك إذا لم يكن مضافاً إلى الملك، وعلى رواية «الجامع» : الثابت بكلمة كلّما في الحال أيمان منعقدة يقع الحنث في البعض بوجود شرط الحنث فيها ويبقى الباقي، فصار حال تمام الشرط الأوّل حال بقاء اليمين الثانية، فلا يشترط قيام الملك في تلك الحالة في تعليق الطلاق بأحد الشرطين صورة ومعنى.
إذا قال الرجل: إن خطبت فلانة وتزوّجها فهي طالق، فخطبها ثمَّ تزوّجها لا تطلق؛ لأنَّ الشرط حيث أحد الشيئين الخطبة أو التزوّج، فإن خطبها فقد وجد شرط الحنث والمرأة ليست في نكاحه فتنحلّ اليمين لا إلى جزاء، فإذا تزوّجها بعد ذلك فإنما تزوّجها واليمين منحلة، فلا يحنث. ذكر المسألة في «الأصل» .
قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» : وهو بمنزلة ما لو قال: إن قبلت فلانة أو تزوّجتها فهي طالق، فقبّلها ثمَّ تزوّجها لم تطلق؛ لأنَّ اليمين انحلت بالتقبيل، فإن تزوّجها قبل الخطبة بأن زوجها منه، وقولي: فبلغها فأجازت طلقت، بمنزلة ما لو قال: إن قبّلت فلانة أو تزوّجتها فهي طالق، فتزوّجها قبل أن يقبّلها فإنّها تطلق وكان ينبغي أن لا تطلق؛ لأنَّ شرط وقوع الطلاق التزوّج وقد حصل قبل دخولها في نكاحه فينبغي أن ينحلّ اليمين لا إلى حنث، قلنا: نعم شرط الحنث التزوّج، إلا أنَّ التزوّج إنّما بإجازتها، وعند ذلك هي في نكاحه، وهذه المسألة تؤيّد قول من يقول «آكمر وختر فلان مراد هند» ، أو قال «بزني وهند» فهي طالق، فتزوّجها تطلق في الوجهين؛ لأنّ شرط الحنث وإن كان هو التزويج إلا أنَّ تمام التزويج بتزوّجه، وعند ذلك هي في نكاحه، (ألا ترى أنَّ محمداً رحمه الله في هذه المسألة) .
وفي «المنتقى» : إذا قال: إن تزوجت فلانة أو أمرت إنساناً بتزوّجها فهي طالق، فأمر إنساناً بذلك فزوّجها منه أو تزوّجها بنفسه بعد ذلك لا تطلق؛ لأن اليمين انحلّت بالأمر لا إلى جزاء.
لو قال: إن تزوّجت فلانة فهي طالق، وإن أمرت إنساناً بتزوّجها فهي طالق، فأمر إنساناً فزوّجها منه طلقت؛ لأنَّ ههنا يمينان إحداهما انعقدت على الأمر، والثانية على التزوّج؛ فبالأمران انحلت اليمين المنعقدة على الأمر، ثمَّ تنحل اليمين المنعقدة على التزوّج، وكذا لو تزوّجها بنفسه طلقت لما ذكرنا.
لو قال: إن تزوجت فلانة وإن أمرت من يتزوّجها فهي طالق، فأمر إنساناً فزوّجها