وهو نظير ما لو قال لها: إن كلّمت فلاناً فأنتِ طالق وقال لها أيضاً: إن كلَّمت أنا فأنتِ طالق، فكلّم فلاناً طلقت تطليقتين؛ لأنّه فلان وإنسان.
وكذلك إذا قال لامرأته: إذا تزوّجتُ فلانة فهي طالق، ثمَّ قال: كل امرأة أتزوّجها فهي طالق، ثمَّ تزوّج فلانة طلقت تطليقتين؛ لأنها امرأة وفلانة، إذا حصل تعليق الطلاق بشرطين ووجد الشرط الأوّل وهي في نكاحه ووجد الشرط الثاني وهي ليست في نكاحه ولا عدّته بأن أبانها بواحدة بعدما وجد الشرط الأوّل وانقضت عدتها، ثمَّ وجد الشرط الثاني لا يقع الطلاق، ولو وجد الشرط الأوّل في غير ملكه وعدّته ووجد الشرط الثاني في ملكه بأن تزوّجها بعد ما وجد الشرط الأوّل ثمَّ وجد الشرط الثاني يقع الطلاق.
مثال الأوّل: إذا قال لامرأته: إن كلمت زيداً وعمراً فأنتِ طالق، فكلمت أحدهما، ثمَّ إنَّ الزوج أبانها بواحدة وانقضت عدتها، ثمَّ كلمت الآخر فإنّه لا يقع الطلاق.
ومثال الثاني: إذا قال لها: إن كلمت زيداً وعمراً فأنتِ طالق، فأبانها بواحدة وانقضت عدتها، ثمَّ كلّمت أحدهما، ثمَّ تزوّجها، ثمَّ كلّمت الآخر وقع الطلاق عندنا، خلافاً لزفر، وزفر يقول: قيام الملك وقت دخول الشرط شرط وقوع الطلاق، والشرط ههنا كلامهما، فيعتبر قيام الملك وقت دخول الكلامين، وإنّا نقول: قيام الكل وقت وجود الشرط إنّما يعتبر ليَزول الجزاء، لا لوجود الشرط نفسه، ووقت يزول الجزاء عند وجود آخر الشرطين، فيعتبر قيام الملك عندهما، وإذا حصل التعليق بشرط واحد، ووجد بعض الشرط في ملكه والبعض في غير ملكه وعدّته؛ إن وجد أوّل الشرط في ملكه وآخره في غير ملكه لا يقع الطلاق، وإن وجد أوّل الشرط في غير ملكه ووجد آخر الشرط في ملكه وقع الطلاق.
مثال هذا: قال الرجل لامرأته: إن أكلت هذا الرغيف فأنتِ طالق، فأبانها وانقضت عدّتها فأكلت بعض الرغيف، ثمَّ تزوّجها بعد ذلك، ثمَّ أكلت الباقي طلقت عندنا، ولو أكلت بعض الرغيف وهي في نكاحه ثمَّ أبانها وانقضت عدّتها، فأكلت الباقي لا تطلق، فعلى هذا القياس تخرج جنس هذه المسائل.
وفي «الأصل» : إذا قال لها: كلّما حضت حيضتين فأنتِ طالق، فحاضت حيضة في ملكه ثمَّ أبانها وانقضت عدّتها، فحاضت حيضة أخرى لا يبقى اليمين، حتّى لو تزوّجها ثمَّ حاضت حيضتين لا يقع الطلاق. قال الحاكم الشهيد رحمه الله: هذا جواب قوله: إذا حضت إن حضت لا جواب.
قوله: كلّما حضت وفي قوله: كلّما حضت إذا تزوّجها ثمِّ حاضت حيضتين يقع عليها الطلاق، وإليه أشار محمّد رحمه الله في «الجامع» ، إلا أن محمداً رحمه الله في «الأصل» ذكر كلمة إذا وكلّما وإن، وأجاب في الكلّ بجواب إن وإذا، كأنّه ذهب عليه لينقل خاطره، وهذا لما عرف أنَّ كلمة كلّما توجب التكرار بخلاف كلمة إن وإذا.
ومن المشايخ رحمهم الله من قال: ما ذكر في «الأصل» جواب كلّما، وهذا القائل