للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو نظير ما لو قال: إن دخل رجل داري هذه فعبدي حرٌّ، ثمَّ قال: إن دخل زيد داري هذه فامرأته طالق، فدخل زيد الدّار عتق العبد وطلقت المرأة، وطريقه ما قلنا.

ولو كان قال لها: إذا ولدت ولداً فأنتِ طالق ثنتين، ثمَّ قال لها: إن كان الولد الذي في بطنك غلاماً فأنتِ طالق واحدة فولدت غلاماً، فإنّها تطلق واحدة بخلاف المسألة المتقدّمة، فإنَّ هناك قال: إذا ولدت غلاماً تطلق ثلاثاً. والفرق: أنَّ في هذه المسألة وقوع (٢٧٤أ١) الواحدة سابق على الولادة؛ لأنَّ وقوعها معلّق بكون ما في البطن غلاماً بولادة الغلام، وبولادة غلام تبيّن أنَّ ما في بطنها كان غلاماً، وأنَّ الواحدة كانت واقعة قبل الولادة إذ تبيّن أنَّ شرط وقوعها كان موجوداً، وتبين أنها صارت معتدة قبل الولادة، فبالولادة وقع على الأجنبيّة، أمّا في المسألة المتقدّمة وقوع الواحدة لا يسبق الولادة؛ لأنَّ هناك الواحدة معلّقة بالولادة صريحاً كالثنتين؛ إلا أنَّ الواحدة تعلقت بولادة الغلام، والثنتان تعلقتا بولادة ولد مطلق، فإذا ولدت غلاماً فقد وجد شرط الحنث في اليمنين في ساعة واحدة، فنزلت الطلقات الثلاث في ساعة واحدة.

ونظير هذه المسألة: ما قال محمّد بن الحسن رحمه الله في رجل قال: إن كان الذي في هذه الدّار اليوم رجلاً فامرأته طالق، ثمَّ تبيّن في آخر النّهار أنّه كان فيها رجل طلقت المرأة، وحنث حين تكلم به، إذا تبيّن أنّ الشرط الذي علّق به الطلاق كان موجوداً، ولو قال: إن كان الذي يدخل في هذه الدّار اليوم رجلاً فامرأته طالق، فدخل في آخر النّهار رجل طلقت المرأة حين دخل؛ لأنَّ التعليق حصل بدخول الدّار، ودخول الدّار كان معدوماً حالة التعليق، فكان تعليقاً على الحقيقة، فوقع الطلاق عند الدخول فكذا فيما تقدّم.

فإن قيل: كون ما في البطن غلاماً إنّما يعرف بالولادة، فينبغي أن يجعل الولادة شرطاً في المسألة الثانية، حتّى لا تقع الواحدة سابقاً على الولادة كما في المسألة المتقدمة، ألا يُرى أن من قال لامرأته: أنتِ طالق قبل قدوم فلان بشهر، فقدم فلان لتمام الشهر فإنّه يقع الطلاق عليها بعد القدوم، أو مقارناً للقدوم على حسب ما اختلفوا، وبقدوم فلان لتمام الشهر، (فإنْ) ظهر أنَّ هذا شهر قبل قدوم فلان فينبغي أن يقع الطلاق من أوّل الشهر، ولكن قبل بأن الوقت الموصوف بأنّه قبل قدوم فلان بشهر إنّما يعرف بالقدوم، فيجعل القدوم شرطاً.

والجواب: أنَّ في القدوم أمكن جعل القدوم شرطاً؛ لأنّ القدوم ملفوظة به، وهي على خطر الوجود، وفي مسألتنا لا يمكن أن يجعل الولادة شرطاً؛ لأنّها غير ملفوظ بها إن كانت على خطر الوجود، فلم يجعل شرطاً بل كان معرفاً محضاً وكان بمنزلة ما لو قال لامرأته: إن كان في هذا الجوالق حنطة فأنتِ طالق، فحلَّ الجوالق فإذا فيها حنطة وقع الطلاق من حين تكلّم، وإنّما عرف كون ما في الجوالق حنطة بالحلّ، ومع هذا لم يجعل الحلّ شرطاً؛ لأنّ الحلّ غير ملفوظ به.

وفي «الأصل» : إذا قال لها: كلّما ولدت ولداً فأنتِ طالق، وقال لها أيضاً: إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>