للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِوَلِيّهِ سُلْطَناً فَلاَ يُسْرِف فّى الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (الإسراء: ٣٣) هذا جمع أضيف إلى الواحد ولم يعتبر معاً في حقّ الواحد حتى لا يشترط التحريم ثمَّ اجتماع النّاس على زنا واحد، بل إذا وجد الزنا من واحد كان حراماً؛ لأنَّ اجتماع الناس على زنا واحد غير ممكن، وأمّا الجمع المضاف إلى الجمع يعتبر واحداً في حقّ الواحد استحساناً، ولا يعتبر جمعاً في حقّ الواحد؛ لأنَّ في اعتباره جمعاً في حقّ الواحد إبطال القيد الذي ذكره الحالف، وهو إضافة الجمع إلى الجمع، ولكن إنّما يعتبر واحداً في حقّ الواحد إذا كان شيئاً يقبل الخصوص، بأن كان عاماً كل.

......؛ لأنّ العام يذكر ويراد به الخصوص، أمّا إذا لم يكن قابلاً للخصوص لا يعتبر آحاداً في حقّ الآحاد، بل يعتبر جمعاً في حقّ الآحاد؛ لأنّه يكون في ذلك إثبات الخصوص فيما لا يقبل الخصوص، ألا ترى أنَّ من قال لثلاث نسوة: أنتنّ طوالق ثلاثاً طلقت كلُّ واحدة ثلاث تطليقات، وهذا جمع مضاف إلى الجمع، ولم يعتبر آحاداً في حقّ الآحاد؛ لأنّ الثلاث لا تحتمل الخصوص؛ لأنّه اسم عدد، واسم العدد لا يحتمل الخصوص إلا بالاستثناء، فإن من سمّى عشرة وقال: أردت التسعة والثمانية لا يصح.

وإذا لم يكن الثلاث قابلاً للخصوص لم يعتبر آحاداً في حقّ الآحاد، بل اعتبر جمعاً في حقّ الآحاد، فيقع على كلّ واحدة منهنّ ثلاث تطليقات، وهذا بخلاف ما لو قال إن دخلتما هذه الدّار، ودخلتما هذه الدّار الأخرى؛ لأنّ هناك الجمع مضاف إلى الواحد في كلّ كلام، فيعتبر الجمع بالواحد في كلّ كلام.

لو قال لهما: إذا أكلتما هذا الرغيف فأنتما طالقتان، لا يقع الطلاق على واحدة منهما ما لم يأكلا جميعاً؛ لأنّه على الطلاق بفعل يكون منهما، وهو اجتماعهما على الأكل فلا يقع الطلاق ما لم يوجد الأكل منهما، كما لو قال لهما: إن ولدتما إن حضتما، وإن أكلا جميعاً يقع الطلاق عليها، وإن أكلت إحداهما أكثر من الأخرى، لأنّ الشرط أكل كلّ واحدة بعض الرغيف بعضاً مطلقاً، لا بعضاً مقيَّداً، والتي أكلت أقلّ فقد أكلت بعض الرغيف؛ لأنّ اسم البعض كما ينطلق على الكثير ينطلق على القليل، حتّى قالوا: لو أكلت إحداهما مقداراً لا ينطلق عليه اسم البعض بأن أكلت كسرة خبز لا تطلق واحدة منهما لانعدام الشرط، وهو أكل كل واحدة منهما بعض الرغيف في دخول الواحد تحت الشرطين.

قال محمّد رحمه الله في «الجامع» : إذا قال الرجل لامرأته وهي حامل: إذا ولدت ولداً فأنتِ طالق ثنتين، ثمَّ قال لها: إن كان الولد الذي تلدينه غلاماً فأنتِ طالق واحدة، فولدت المرأة غلاماً طلقت ثلاثاً، لأن المنعقد ههنا يمينان؛ لأنّه ذكر شرطين وجزاءين أحد الشرطين ولادة ولد مطلق وجزاؤه تطليقتان، والشرط الآخر ولادة الغلام وجزاؤه طلقة واحدة، وإذا ولدت غلاماً والغلام ولد كما أنّه غلام يقع الحنث في اليمينين جميعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>