ولو مسح بأصبع أو أصبعين لا يجوز؛ لأن المسح على الخفين نظير المسح على الرأس لأنه معطوف على الرأس في إحدى الروايتين على ما مر * ثم لو مسح على الرأس بأصبع أو أصبعين لا يجوز، ولو مسح بثلاثة أصابع جاز فههنا كذلك. وعلى قياس رواية الحسن في مسح الرأس انه لا يجوز * ما لم يمسح مقدار الربع، لا يجوز في مسح الخفين إلا مقدار الربع أيضاً ولو مسح بالإبهام والسبابة: إن كانا مفتوحين جاز لأن ما بينهما مقدار أصبع آخر، وقد ذكرنا هذا في مسح الرأس، ولم يذكر محمد رحمه الله في «الأصل» : أن التقدير بثلاثة أصابع اليد أو بثلاثة أصابع الرجل، وكان الكرخي رحمه الله يقول: التقدير بثلاثة أصابع الرجل اعتباراً لمحل المسح. وكان الفقيه أبو بكر الرازي رحمه الله يقول: التقدير بثلاثة أصابع اليد اعتباراً لآلة المسح، وهو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله.
ولو مسح بأصبع واحد ثم بله ومسح ثانياً وثالثاً، إن مسح كل مرة غير الموضع الذي مسحه مرة (لا) يجوز كأنه مسح بثلاثة أصابع اليد، ويجوز المسح على الخف ببلل الغسل سواء كانت البلة متقاطرة أو غير متقاطرة، ولا يجوز المسح ببلل المسح، وتفسير هذا: إذا توضأ ثم مسح الخف بلة بقيت على كفه بعد الغسل يجوز، ولو مسح رأسه ثم مسح الخف ببلة بقيت لا يجوز، لأن في الفصل الأول: البلة لم تصر مستعملة لأن الغرض منها ما أقيم بها، وفي الفصل الثاني: البلة صارت مستعملة، لأن الغرض أقيم بها.
ولو توضأ ونسي مسح خفيه، ثم فاض الماء، فأصاب الماء ظاهر خفيه، يجزئه عن المسح، لأن المقصود والمأمور به وصول البلة وقد وجد، وهو نظير ما لو نسي مسح الرأس فأصاب رأسه ماء المطر هل يصير الماء مستعملاً؟ قال أبو يوسف رحمه الله: لا يصير، وقال محمد رحمه الله: يصير.
وإذا لم يمسح على خفيه ولكن مشى في الحشيش فابتل ظاهر خفيه ببلل الحشيش، إن كان الحشيش مبتلاً بالماء أو بالمطر يجزئه بالإجماع، وإن كان مبتلاً بالطل، اختلف المشايخ فيه، والصحيح أنه يجوز لأن الطل من الماء كالمطر، وفيه أن الطل سبيل في بيت المقدس كالمطر.
ولو أَمَرَ إنساناً حتى مسح على خفيه جاز لحصول المقصود وهو إيصال البلة والله أعلم.
(نوع آخر) في بيان محل المسح
فنقول: محل المسح ظاهر الخف دون باطنه، حتى لو مسح باطن خفيه دون ظاهرهما لم يجزئه، وقال الشافعي رحمه الله: المسح على ظاهر الخف فرض وعلى باطنه سنة، والأولى عنده أن يضع يده اليمنى على ظاهر الخف، ويده اليسرى على باطن الخف فيمسح بهما كل رجل.
احتج الشافعي رحمه الله بما روي عن مغيرة بن شعبة رضي الله عنه: «أن النبي عليه