للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلام: مسح على خفيه أسفله وأعلاه» ، ولأن الاستيعاب في مسح الرأس سنة، فكذا في مسح الخفين.

وعلماؤنا رحمهم الله احتجوا: بما روينا من حديث المغيرة، وبما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: «لو كان الدين بالرأي لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره، ولكني رأيت رسول الله عليه السلام يمسح على ظاهر الخفين دون باطنهما» ، ولأن باطن الخف لا يخلو عن لوث عادة فيصب يده ذلك اللوث وفيه بعض الحرج.

والمسح بالخف إنما شرع لرفع الحرج. وأما الجواب عن الحديث: فكذلك الحديث فلا يوجه به، وأما الجواب عن استيعاب الرأس قلنا: جميع الرأس محل المسح بدليل: أنه لو مسح بعض أطرافه دون البعض يجوز بالإجماع، وههنا لو اقتصر على المسح على باطن الخف، لا يجوز بالإجماع، دل أن باطن الخف ليس بمحل للمسح، وإذا لم يكن محلاً للمسح لا يسن المسح عليه وكذلك إذا مسح على العقب لا يجوز؛ لأن محل المسح المقدم دون المؤخر، ولو مسح على ما يلي الساق أو على ما يلي مقدم ظاهر الخف يجوز، ولو مسح على فوق الكعبين لا يجزئه والله أعلم.

(نوع آخر) في بيان ما يجوز عليه المسح من الخفاف وما بمعناها وما لا يجوز

قال: الخف الذي يجوز عليه المسح ما يُمَكّن قطع السفر، وتتابع المشي عليه، وستر الكعبين وما تحتهما. وستر ما فوق الكعبين ليس بشرط، لأن ما فوق الكعبين زيادة في إطلاق اسم الخف عليه، وإن كان يرى من الكعب قدر أصبع أو أصبعين جاز المسح عليه، وإن كان ثلاثة أصابع فصاعداً (٢٤ب١) لا يجوز المسح نص عليه محمد رحمه الله في «الزيادات» .

والمذكور في «الزيادات» : رجل عليه خفاف لا ساق عليهما جاز أن يمسح عليهما، إذا كان الكعب مستوراً، وإن كان خرج منها شيء من مواضع الوضوء نحو الكعب وغيره، وإن كان ما خرج مقدار ثلاث أصابع من أصغر أصابع الرجل لا يجوز المسح عليهما، وعن هذه المسألة قال مشايخنا: إذا لبس المكعب ولا يرى من كعبه إلا إصبع أو إصبعان جاز المسح عليه لأنه بمنزلة الخف الذي لا ساق له.

قال شمس الأئمة السرخسي رحمع الله: الصحيح من المذهب جواز المسح على الخفاف المتخذة من اللبود التركية، وذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله روى عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يجوز المسح على الخفاف المتخذة من اللبود، قال مشايخنا: كان أبو حنيفة رحمه الله لم يعرف صلابة هذا النوع من الخف وصلاحيته لقطع السفر وتتابع المشي به أما لو عرف ذلك لأفتى به، لأن مثل هذا الخف صالح لقطع السفر وتتابع المشي به فكان كالخف المتخذ من الأديم وغيره.

وأما المسح على الجوارب، فلا يخلو: إما إن كان الجوارب رقيقاً غير منعل، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>