للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الوجه لا يجوز المسح بلا خلاف، وأما إذا كان ثخيناً منعلاً، وفي هذا الوجه يجوز المسح بلا خلاف، لأنه يمكن قطع السفر وتتابع المشي عليه فكان بمعنى الخف، والمراد من الثخين: إن كان يستمسك على الساق من غير أن يشده بشيء، ولا يسقط، فأما إذا كان لا يستمسك ويسترخي فهذا ليس بثخين، ولا يجوز المسح عليه، وأما إذا كان ثخيناً غير منعل، وفي هذا الوجه لا يجوز المسح عند أبي حنيفة، وعندهما يجوز.

ثم بين المشايخ اختلاف في مقدار النعل الذي يكفي لجواز المسح على الثخين عند أبي حنيفة رحمه الله، قال بعضهم: إذا كان في باطن الخف أديم وهو ما يكفي لكف القدم، جاز المسح عليه، وقال بعضهم: لا يجوز المسح (حتى) حتى تكون الأديم على أصابع الرجل وظاهر القدمين، وقال بعضهم: لا يجوز المسح (حتى) يكون الأديم إلى الساق ليكون ظاهر قدميه وكعباه مستوراً بالأديم فعلى قول هذا القائل: لو كان المستور بالأديم ما دون الساق، والساق مجورب لا يجوز المسح عند أبي حنيفة رحمه الله.

قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله: وسألت الشيخ الإمام الأستاذ عن تفسير الجورب المنعل عند أبي حنيفة رحمه الله، أراد به الجلد الرقيق، الذي اعتاد الناس حوزه على جواربهم، أو أراد الصرم العلنطنطر الصرم الذي يكون على جوارب أهل مرو، وقال: إن كان هذا الجورب المنعل كجوارب الصبيان يمشون عليهما في تخرجة وغلظ النعل جاز المسح عند أبي حنيفة رحمه الله.

قال شمس الأئمة: هذا في شرح كتاب الصلاة الجورب أنواع: منها ما يكون من غزل وصوف، ومنها ما يكون من غزل، ومنها ما يكون من شعر.

والأول: أن لا يجوز عليه المسح عندهم جميعاً.

وأما الثاني: فإن كان رقيقاً: لا يجوز المسح عليه بلا خلاف، وإن كان ثخيناً مستمسكاً ويستر الكعب ستراً لا يراه الناظر كما هو جوارب أهل مرو، فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله: لا يجوز المسح عليه، إلا إذا كان منعلاً أو مبطناً، وعلى قولهما: يجوز.

وأما الثالث: ذكر في «النوادر» : أنه لا يجوز المسح عليه، قالوا: إذا كان صلباً مستمسكاً يمشي معه فراسخ أو فرسخاً، يجب أن يكون على الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله.

وأما الرابع، فقد روي عن أبي حنيفة رحمه الله: أنه يجوز المسح عليه، والمتأخرون قالوا: الصحيح أن المسألة على الخلاف.

وأما الخامس: فلا يجوز المسح عليه كيف ما كان، وذكر شمس الأئمة السرخسي في «شرحه» : حكي أن أبا حنيفة رحمه الله مسح على جوربيه في مرضه الذي مات فيه، وقال لعواده: فعلت ما كنت أمنع الناس عنه، قال رحمه الله: استدلوا به على رجوعه إلى قولهما، وكان شمس الأئمة الحلواني رحمه الله يقول: هذا كلام محتمل يحتمل أنه كان رجوعاً إلى قولهما، ويحتمل أن لا يكون رجوعاً ويكون اعتذاراً إليهم، أي إنما أخذت بقول المخالف للضرورة، فلا يثبت الرجوع بالشك.

<<  <  ج: ص:  >  >>