الاستغفار، ولا ينبغي للمرأة التي ظاهر منها زوجها أن تدعه يقربها حتّى يكفّر؛ لأنّ الوطء حرام عليه إلى غاية الكفّارة، والتمكين في الحرام لا يجوز ولها أن تطالبه بالكفّارة، وإذا أخبرت الحاكم بذلك أجبره الحاكم على أن يكفّر، وروى هشام عن محمّد رحمهما الله أنّه قال: أجبر المظاهر على أنّ يكفّر ليقربها، فإن لم يفعل حبسته، فإن لم يفعل ضربته وأحبسه في الدَّين ولا أضربه.
وإذا أجبر الزوج عن التكفير قبل ولا يمين عليه، ويسعها أن تصدّقه ما لم تعلم خلاف ما قال، أو تعرفه بالصدق والكذب.
وتكلّم العلماء في سبب وجوب هذه الكفّارة، قال عامّة العلماء: سبب وجوب هذه الكفّارة: الظهار والعود؛ لأنّ الله تعالى أعطف العود على الظهار في بيان سبب الكفّارة، وحكم المعطوف عليه واحد، والمحققون من أصحابنا قالوا سبب وجوبها: العود وحده، وهذا القول أقرب إلى الفقه؛ لأنّ الكفّارة عبادة، والظهار منكر من القول وزور فكان كبيرة، والكبيرة لا تصح سبباً للعبادة، وأمّا العود مباح بل مندوب إليه فيصلح سبباً لوجود العبادة، والعود عندنا هو العزيمة على أن يطأها، وهذا لأنّ العود هو الرجوع عمّا أوجب كلامه، ليكون نقضاً لما صنع كالعود في الهبة رجوع عمّا أَوْجَبَتْهُ الهبة بالبعض، وقد وجب عليه بالظهار أن يعزم على ترك الوطء؛ لأنّ الظهار مشروع لتحريم الوطء وحرمة الفعل توجب العزم على تركة فمتى عزم على الوطء فقد رجع عمّا أوجبه بالبعض فكان عوداً.
ولو عاد ثمَّ بدا له أن لا يطأها سقطت الكفّارة، فكأنّها تجب عندنا غير مستقرّة، ولهذا تسقط بموته وموتها؛ لأنّ الكفّارة تجب بالعزم عندنا، وما يجب بالعزم ما يجب مستقرّة؛ لأنّ العزم يرد عليه البعض والفسخ. وكفّارته ما ذكر الله تعالى في كتابه، {وَالَّذِينَ يُظَهِرُونَ مِن نّسَآئِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مّن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَآسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}(المجادلة: ٣، ٤)(٢٨٢أ١) فوجب على هذا الترتيب ويجب تقديمها على الميتين. قال عليه السلام لسلمة بن حجر «استغفر الله ولا تعد حتّى تكفّر» .
ولو أعتق بعض الرقبة ثمَّ وطىء فعليه أن يستقبل عتق الرقبة في قول أبي حنيفة رحمه الله؛ لأنّ الشرط في الإعتاق تقديمه على المسيس، ومن ضرورته إخلاء الإعتاق عن المسيس فلم يوجد الإخلاء عنده؛ لأنّ الإعتاق عنده يتجزأ وعندهما لا يتجزأ فكما أعتق البعض عتق الكلّ، فيعتق أجلا الإعتاق عن المسيس. ولو جامعها في خلال الصوم