للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد الصوم استقبل الصوم، لوجهين: أحدهما: أنّ الواجب صوم شهرين متتابعين، وقد فات التتابع لما قبل بعض الصوم، والثاني: أنّ الشرط تقديم الصوم على المسيس ومن ضرورته إخلاء الصوم عن الجماع، ولم يوجد الإخلاء.

ولو جامعها ليلاً أو نهاراً ناسياً لصومه استقبل في قول أبي حنيفة ومحمّد، وقال أبو يوسف رحمهم الله: يمضي فيه، فأبو يوسف رحمه الله اعتبر معنى الأوّل، وهما اعتبرا المعنى الثاني، ولو جامعها في خلال الإطعام لا يلزمه الاستقبال؛ لأنّ تقديم الطعام على المسيس ليس بشرط في كتاب الله تعالى حتّى يثبت شرط إخلاء الإطعام عن المسيس، ولا كذلك الإعتاق والصوم ولا يتجزأ في كفّارة الرقبة العمياء، ولا مقطوعة اليدين ولا مقطوعة الرجلين، ولا مقطوعة اليد والرجل من جانب واحد.

والحاصل: أنّ المأمور به رقبة مطلقة، والمطلقة من........ يتناول الكامل والقائم من كلّ واحد، وكل واحد ممّن سمّيْنا....... من وجه أن جنس منفعته، وأمّا العمياء ومقطوعة اليدين ومقطوعة الرجلين فظاهر، وكذا مقطوعة اليد والرجل من جانب واحد؛ لأنّه لا يمكنه المشي بالعصا، بخلاف مقطوع اليد والرجل من جانبين حيث يجوز؛ لأنه يمكنه المشي بالعصا، ويمكنه البطش بأحد اليدين، فلم يغب في حقّه جنس منفعة، وكذلك لا تجوز الخرساء لفوات جنس منفعته، وهو البطش، وتجوز الصمَّاء استحساناً.

وذكر في «النوادر» : أنّ الصمّاء لا تجور وهو القياس، وقيل: رواية «النوادر» محمولة على الصمّ الأجلي؛ لأنّه لا يخلو عن الخرس؛ لأنّه لم يسمع الكلام ليتعلّم، وظاهر الحوار محمول على الصمّ العارضي؛ لأنّه يخلق عن الخرس ويسمع عند المبالغة في رفع الصوت.

ويجوز مقطوعة الأذنين، وذاهب الحاجبين وشعر اللحية، وكذا يجوز مقطوع الشفتين إذا كان يقدر على الأكل؛ لأنّ الفائت بفوات هذه الأشياء الريبة لا غير، وبه لا تصير الرقبة مستهلكة.

ولا يجوز ساقط الأسنان لفوات جنس منفعته في حقّها وهو منفعة المضغ، ولا يجوز المدبّر وأم الولد، ويجوز المكاتب إذا لم يؤدّ شيئاً من بدل الكتابة عندنا، وإن أدّى شيئاً من بدل الكتابة لا يجوز في «ظاهر الرواية» ، وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنّه يجوز، ولا يجوز مقطوع الإبهامين، ولا ثلاثة أصابع من سواهما، ولا يجوز الختين، ويُجزىء الرضيع.

وكذا لا يجوز المجنون والمعتوه، وإن كان يجنّ ويفيق يجوز، يريد به: إذا أعتقه في حال إفاقته، والمريض الذي في حدِّ مرض الموت لا يجزىء، وإذا كان يجزىء ويخاف عليه يجوز والمرتد يجوز عند بعض المشايخ وعند بعضهم لا يجوز؛ لأنّ بالردّة

<<  <  ج: ص:  >  >>