للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باللعان.... ولمن نفى اللعان في حقه حكماً، وعندنا لا يجتمعان ما بقي اللعان بينهما حكماً، وإنما يجتمعان، إذا زال اللعان حكماً بالإكذاب؛ لأنه وجب عليه حدّ القذف بإكذابه نفسه، ومن ضرورته بطلان اللعان.

ولو أكذب نفسه وجب الحد، ولو صدقته المرأة فلا حدّ ولا لعان، وإذا أخطأ الحاكم وفرق بينهما بعد وجود أكثر اللعان من واحدٍ منهما وقعت الفرقة، وإن كان قبله لم تقع.

ولو أخطأ الحاكم فبدأ بالمرأة قبل الزوج فإنه يعيد اللعان على المرأة فإن لم يفعل وفرق بينهما وقعت الفرقة.

ولو التقيا عند الحاكم ولم يفرق بينهما حتى عُزل، أو مات، فإن الحاكم الثاني يستقبل اللعان بينهما في قول أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد رحمه الله: لا يستقبل.

ولو طلقها ثلاثاً أو بائناً بعد القذف فلا حد ولا لعان.

وكذا لو تزوجها بعد ذلك ولو كان الطلاق رجعياً لاعن؛ لأن الزوجية قائمة من كل وجهٍ وكان الحال بعد الطلاق الرجعي والحال قبله سواء.

وأي الزوجين أبى أن يلتعن حُبِسَ؛ لأن في اللعان معنى اليمين والحد، إن كان فيه معنى الشهادة، والخبر يجري على اليمين والحد، إن (كان) لا يجري على الشهادة.

وإذا نفى ولد زوجته بأن قال: هذا الولد ليس مني، يلاعنها بقول الرجل: أشهد بالله أني لصادق فيما رميتك من نفي الولد، وكذا في جانب المرأة.

ولو قذفها بالزنا ونفى الولد ذكر في اللعان الأمرين، كما ذكر الزوج في القذف الأمرين، فإذا فرغ من ذلك فرّق القاضي بينهما ولزم الولد أمه، وروى عن أبي يوسف رحمه الله: أن القاضي يفرق بينهما ويقول: التزمته...... فيه من نسب الوالد؛ لأنه ليس من ضرورة اللعان والتفريق به نفي النسب، كما بعد موت الولد يفرق بينهما ولا ينتفي نسب الولد، فلا بد من تصريح القاضي بنفي الولد لهذا.

أما إذا ثبت بإقراره أو بطريق الحاكم لا ينتفي بعد ذلك، وأما إذا ثبت بإقراره فلأنَّ الإنكار بعد الإقرار غير مسموع، وأما إذا ثبت من طريق الحاكم.

بيانه: فيما روي عن محمدٍ وأبو يوسف رحمه الله في رجلٍ جاءت امرأته بولد فنفاه، فلم يلاعنها حتى قذفها أجنبي بالولد، ثبت نسب الولد ولا ينتفي بعد ذلك؛ لأنه لما حُدَّ قاذفها فقد حكم بكذبه، وذلك حكم بثبات النسب، والنسب المحكوم به لا ينتفي.

ولو نفى ولد زوجته فهما ممن لا لعان بينهما لا ينتفي؛ لأن المثبت للنسب وهو الفراش وأتم القطع باللعان، فإذا امتنع انعدم القاطع فيثبت النسب بسببه.

وكذلك لو كان العلوق في حالٍ لا لعان بينهما ثم صار الحال يتلاعنان، نحو إن كانت المرأة أَمَةً أو كتابيةً حالة العلوق فأعتقت أو أسلمت، فإنه لا تتلاعن ولا ينتفي

<<  <  ج: ص:  >  >>