للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني والطلقات الثلاث، ولهذا يجب الحدّ إذا وطئها ولم يدع شبهة فلا تنتهي بالموت.

وعدة الوفاة إنما تجب بانتهاء النكاح بالموت. يبقى هذا القدر أنها ترث. قلنا: إنما ترث باعتبار العدة لا باعتبار النكاح لأن الزوج لما قصد الفرار رد الشرع عليه قصده وأقام العدة مقام النكاح في حق الإرث فالإرث باعتبار العدة لا باعتبار النكاح. ولهما: أن الزوجية في حق الإرث باقية، لأن جريان الإرث فيما بين الزوجين عرف بالنص، والنص أوجب الإرث باسم الزوج، فبدا بذلك أن متعلق الإرث الزوجية،..... الإرث دلّ على بقاء الزوجية في حق الإرث، فإذا بقيت الزوجية في حق الإرث تنتهي بالموت في حق الإرث، فتجب عدة الوفاة بانتهاء النكاح، وقد كانت عدة الطلاق واجبة بانقطاع النكاح بينهما في حق أحكام أُخَر، فجمعنا بينهما احتياطاً.

وإذا كان الطلاق رجعياً في صحة أو مرض، فعدتها أربعة أشهر وعشراً وقد بطل عنها الحيض في قولهم؛ لأن الطلاق الرجعي لا يقطع النكاح عندنا فكانت الزوجية قائمة لدى الموت، والله تعالى جعل الواجب على المرأة عند موت الزوج التربص بأربعة أشهر وعشراً، فكان من ضرورته سقوط الاعتداد بالحيض.

وإذا مات الصبي عن امرأة وهي حامل فعدتها (إلى) أن تضع حملها في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. وقال أبو يوسف رحمه الله: عدتها الشهور.

وجه قوله: إن ظاهر قوله تعالى: {والذين يتوفون منكم} (البقرة: ٢٣٤) تقضي وجوب الاعتداد بالأشهر على كل متوفى عنها زوجها من غير فصلٍ بينهما إذا كان الزوج بالغاً أو صبّياً، لكن ترك ظاهر الآية فيما إذا كان الزوج بالغاً بالإجماع، ولا إجماع فيما إذا كان الزوج صغيراً فبقي على ظاهره.

وهما يقولان أن ظاهر قوله تعالى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعنَ حملهن} (الطلاق: ٤) يقتضي انقضاء العدة في حق الحامل بوضع الحمل مطلقاً من غير فصلٍ بينهما إذا كان الزوج صغيراً أو بالغاً، وإن كان الحبل حادثاً بعد الموت فعدتها بالشهور في قولهم؛ لأن العبرة في حق وجوب العدة بحال وجوبها وحال وجوب العدة عند الموت، فإذا لم تكن حاملاً عند الموت وجبت العدّة بالأشهر بالآية فلا تتغير بحدوث الحمل بعد ذلك. قال أبو الحسن: العدة تنقضي بحملها، ظاهراً كان عند الموت أو غير ظاهر. والذي لا تنقضي العدة الحادث وهذا صحيح؛ لأن شرط الدخول تحت قوله تعالى: {وأولات الأحمال} (الطلاق: ٤) قيام الحبل، لا كونه ظاهراً عند الناس.

قال أبو الحسن: وإن حملت التي عدتها الحيض بعد الطلاق حملاً حادثاً فعدتها أن تضع حملها، وإن كان لأكثر من سنتين إذا علم أنها حبلت بعد لزوم العدة لأن الاعتداد بالحيض إنما شرع لتُعْرَفَ براءَةُ الرحم، ومع قيام الحمل لا يحصل تعرّف براءة الرحم فيشترط براءة الرحم لانقضاء العدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>