وفي نكاح «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: (رجل) طلق امرأته ثلاثاً وكتم طلاقها بين الناس. فلما حاضت حيضتين وطئها فحبلت ثم أقرّ بطلاقها كان لها النفقة ما لم تضع؛ لأن عدتها في هذه الصورة تنقضي بوضع الحمل على ما ذكرنا.
وإذا بلغ المرأة طلاق زوجها أو موته فعليها العدة من يوم مات أو طلق؛ لأن العدة ليست إلا مدة ضربت لها لمناجزة عمل الطلاق أو لإنهاء النكاح من كل وجهٍ بالموت، ومضي العدة لا يتوقف على التي لم (تعتد) .
وإذا طلق امرأته ثلاثاً، فلما اعتدت بحيضتين أكرهها على الجماع، إن كان ينكر أنه طلقها تستقبل العدة، وإن كان مقرّاً بطلاقها مع هذا جامعها على وجه الزنا لا تستقبل العدة. وكذلك من طلق امرأته ثلاثاً ثم أقام معها زماناً، إن أقام منكراً طلاقها لا تنقضي عدتها، كذا حكي جواب المشايخ وجوباً لهما. وإن أقام مقرّاً بطلاقها انقضت عدتها.
ولو وطئها وادعى الشبهة بأن قال: ظننت أنها تحلُّ لي، فإنها تستقبل العدة بكل وطئةٍ وتداخل مع الأولى؛ لأنه لا تنقضي الأولى. فإذا انقضت الأولى وبقيت الثانية أو الثالثة فإنها لا تستحق النفقة في هذه الحالة؛ لأن هذه (٢٨٩أ١) . عدة الوطء لا عدة النكاح، والمرأة لا تستحق النفقة في عدة الوطء، وإن كان الطلاق بائناً واحداً أو اثنتين، ثم وطئها في العدة من غير دعوى الشبهة، ومع العلم بالحرمة تستأنف العدة، وذكر في «مجموع النوازل» أنها لا تستأنف العدة، والأول أصح.
وكذلك لو خالعها بمال أو بغير مال، ثم وطئها في العدة مع العلم بالحرمة تستأنف العدة أيضاً بكل وطئة وتداخل مع الأولى؛ لأن لا تنقضي الأولى، وهذا لأن الخلع من كنايات الطلاق، وفي الكنايات اختلاف الصحابة أنها.... أو رواجع، فعلى قول من يقول: رواجع كان الوطء بعد الطلاق الثاني كالوطء في حال قيام النكاح، فتبطل به العدة، ويجب الاستئناف. فثبت شبهة بطلاق العدة ويجب الاستئناف، وإذا انقضت الأولى بقيت الثانية أو الثالثة كانت الثانية أو الثالثة عدة الوطء حتى لو طلقها الزوج في هذه الحالة لا يقع طلاق آخر. فالأصل أن المعتدة بعدة الطلاق يلحقها الطلاق، والمعتدة بعدة الوطء لا يلحقها الطلاق.
وإذا قال زوج المعتدة: أخبرتني أن عدتها قد انقضت، وذلك في عدة لا تنقضي في مثلها العدة لا يقبل قولها إن أخبرت بذلك بنفيها وهذا معروف. قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: إلا أن يعتبر ما هو محتمل من إسقاط سقط مستبين الخلق أو نحوه، فحينئذٍ يقبل قولها.
وإذا أخبر عن انقضاء العدة في مدة تنقضي في مثلها العدة وكذبت المرأة فهي خلافية معروفة، وإذا أخبر عن انقضاء عدتها، ولم يسند الخبر إليها، فهو على الخلاف أيضاً.