للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمعروف فيما يفرض في كل وقت ومكان، و «الأصل» فيه قوله عليه السلام لهند: «خذي من مال أبي سفيان ما يكفيك ولولدك بالمعروف فيما يفرض» والمعنى في ذلك أن في النفقة معنى الصلة، والصلات شرعت على وجه يكون فيه نظر من الجانبين والنظر للجانبين أن يتقيد بالمعروف بلا سرف ولا تقتير، قال: وكما يفرض القاضي لها قدر الكفاية من الطعام، وكذا من الإدام والدهن، أما الإدام فلأن الخبز لا يتناول عادة إلا....، وأما الدهن فلأنه لا يستغنى عنه خصوصاً في ديار الحر من أصول الحوائج.

قال: والجواب في الكسوة كالجواب في النفقة يريد به أن القاضي يفرض لها من الكسوة للشتاء والصيف ما يكفيها بالمعروف بقوله تعالى: {رزقهن وكسوتهن بالمعروف} (البقرة: ٢٣٣) والمعنى فيه أن بقاء النفس عادة بهما، والحاجة إلى ذلك تختلف باختلاف الأوقات فيقضي لها في كل وقت ما تحتاج إليه بالمعروف غير أن الكسوة تفرض عليها في كل ستة أشهر، لأن حاجتها إلى الكسوة مما يختلف باختلاف الشتاء والصيف فيقضي لها في كل فصل بقدر الحاجة، والنفقة تفرض في كل شهر ويدفع إليها؛ لأنه متعذر على القاضي أن (يفرض) لها النفقة في كل ساعة، وتعذر عليه أن يفرض لها في جميع مدة النكاح لأن ذلك مجهول فقدرناه بكل شهر لأنه أقل الآجال المعتاد فيها بين الناس.

فرع على هذه الأفعال

إذا فرض القاضي لها نفقة شهر فلم يدفع الزوج ذلك فأرادت المرأة أن تطلب كل يوم فإنما تطلب عند المساء لأن حصة كل يوم معلوم فيمكنها المطالبة بذلك، ولا كذلك ما دون اليوم لأنه مقدر بالساعات فلا يمكن اعتبارها قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله في «شرحه» : ما ذكر محمد رحمه الله: أن النفقة تفرض لها شهراً فشهراً ليس بتقدير لازم، إنما ذلك بناء على عاداتهم وبعض المتأخرين من مشايخنا قالوا: يعتبر في ذلك حال الرجل، فإن كان محترفاً تفرض عليه النفقة يوماً فيوماً، فإن كان من التجار تفرض عليه النفقة شهراً فشهراً، وإن كان من الدهاقين تفرض عليه النفقة سنة فسنة لأن تيسير الأداء على الدهاقين عند إدراك الغلة في كل سنة وتيسير الأداء على التجار عند حال غلة الحوانيت وغيرها في كل شهر، وتيسير الأداء على المحترف بالاكتساب كل يوم هو، ثم في ظاهر رواية «الأصل» : المعتبر في فرض النفقة (على) حال الزوج في اليسار والإعسار، وهكذا ذكر في «شرح القدوري» : وهذا بقوله تعالى: {على الموسع قدره وعلى المقتر قدره} (البقرة: ٢٣٦) وقال الله تعالى: {فلينفق مما أتاه الا يكلف انفسا إلا ما أتاها} (الطلاق: ٧) وذكر الخصاف في «النفقات» أنه يعتبر حالهما في اليسار والإعسار حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>