أشرب، وليس بول الخفاش وخرؤه بشيء؛ لأنه لا يستطاع الامتناع عنه، وليس دم البق والبراغيث بشيء وإن كثر لأنه ليس بدم مسفوح، وأما دم الحلم والأقراد فنجس لأنه دم مسفوح والاحتراز عنه ممكن، وإذا أصاب الثوب أكثر من قدر الدرهم يمنع جواز الصلوة.
في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: الدم يخرج من الكبد إن لم يكن من غيره متمكناً فيه فهو طاهر؛ لأن الكبد دم جامد وكذلك اللحم المهزول إذا قطع، فالدم الذي فيه ليس بنجس، هكذا حكي عن الفقيه أبي بكر رحمه الله، وكان الصدر الشهيد رحمه الله يرفض هذا القول ويقول: إن لم يكن هذا دماً فقد جاور الدم، والشيء ينجس بنجاسة المجاور.
وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله في موضع آخر: ذكر مسألة اللحم مطلقة، ولم يقيد بالمهزول.
ورأيت في موضع آخر: الطحال إذا شق وخرج منه دم فليس بشيء، وكذلك الدم الذي في القلب ليس بشيء، ذكر المسألة مطلقة من غير فصل بين دم ودم.
وفي «عيون المسائل» : الدم الملتزق باللحم إن كان ملتزقاً من الدم السائل بعدما سال كان نجساً، وإن لم يكن ملتزقاً من الدم السائل لم يكن نجساً، وروى المعلى عن أبي يوسف رحمه الله: أن غسالة الدم إذا أصابت الثوب لم تجز الصلاة فيه، وإن صب في بئر يفسد الماء يريد به الدم الذي بقي في اللحم ملتزقاً به، ولو طبخ اللحم.
وفي «القدوري» صفرة أو حمرة، فلا بأس به، ورد الأثر في غير هذه الصورة عن عائشة رضي الله عنها، وعن أبي يوسف عن أبي حنيفة رحمهما الله: أنه إنما يحرم الدم المسفوح وهو السائل، فأما ما يكون في اللحم ملتزقاً به فلا بأس، وعن أبي يوسف رحمه الله يفسد برواية ابن سماعة، إنما يحرم الدم المسفوح الذي يسكن العروق، وإذا فجر سال، فهذه الروايات تبين لنا أن في الطعن في مسألة اللحم المهزول كلام.
وفي «الجامع الأصغر» عن أبي جعفر الكبير: أن الطين إذا جعل فيه السرقين وطُين به شيء ويبس، لا بأس بأن يوضع عليه منديل مبلول.
وسئل هو عن سرقين جاف أو التراب النجس إذا هبت به الريح وأدخلته في الثوب لا ينجسه ما لم ير أثره.
التبن النجس، إذا استعمل في الطين، إن كان يرى مكانه كان نجساً، وإن لم ير مكانه لا يكون نجساً؛ لأنه مستهلك في الوجه الأول دون الثاني.
ولو يبس يحكم بطهارته، ولو أصابه الماء فهو على الروايتين إذا كان الماء أو التراب نجساً، أما الطين فيها يكون طاهراً، هكذا حكي عن الفقيه أبي نصر محمد بن سلام رحمه الله.
وكان الفقيه أبو بكر الإسكاف رحمه الله يقول: العبرة للماء، إن كان الماء طاهراً فالطين طاهر، وإن كان الماء نجساً، فالطين نجس، وقد قيل على العكس أيضاً وكان الفقيه أبو القاسم الصفار رحمه الله يقول: الطين نجس، وبعضهم قالوا على (٢٨أ١) قول محمد رحمه الله: الطين يكون طاهراً، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله يكون نجساً،