للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نازك، واعلم بأن المشايخ رحمهم الله اختلفوا أن الإيجاب المبهم في الطلاق والعتاق هل هو نازل في المحل أم لا، وأن البيان فيهما متغير بالإنشاء أو بالإظهار، وإنما اختلفوا لاختلاف ألفاظ محمّد رحمه الله في الكتب ولتعارض الأحكام فبان اختلاف الألفاظ، فإن في بعض المواضع يأمر الموجب بالإيقاع فنقول يقال له: أوقع هذا إشارة إلى أن الإيجاب المبهم غير نازل، وإن البيان إيقاع وفي بعض المواضع يأمره بالبيان، فنقول: يقال له: بين، وهذا إشارة إلى أن الإيجاب المبهم نازل، وأن البيان إظهار والأحكام متعارضة فقد ذكر في «نكاح الأصل» فيمن كان تحته أربع نسوة كو فيات لم يدخل بواحدة منهن، فقال: أحداكن طالق ثم تزوج مكية جاز، وهذا إشارة إلى أن الطلاق المبهم نازل أو لم يكن نازلاً كان المكية الخامسة ينبغي أن لا يجوز نكاحها.

وذكر في «الزيادات» : رجل له امرأتان رضيعتان قال أحداهما طالق ثلاثاً، ولم يبين الطلاق في أحديهما حتى جاءت امرأة وأرضعتهم بانتا، وهذا إشارة إلى أن الإيجاب المبهم غير نازل إذ لو كانت نازلاً كانت الأختية طارئة بعد بينونية إحديهما وأنها لا توجب حرمة الثانية بعد هذا قال بعض مشايخنا في المسألة زوايتان، على رواية الزيادات: الإيجاب المبهم غير نازل في المحل وعلى رواية الأصل نازل، وبعضهم قالوا: المذكور في «الزيادات» قول أبي حنيفة رحمه الله، والمذكور في «الأصل» قولهما، وبعض المشايخ قالوا: الإيجاب المبهم في الطلاق والطلاق لا ينزل في المحل أصلاً بالإنفاق، إلا أن يوجد من الموقع فعل يصير به موقعاً في العتق كما في العبدين لو باع أحدهما أو وهب أو تصدق.

وفي الجاريتين إذا وطىء أحديهما عند أبي يوسف (٣٢٦ب١) ومحمّد رحمهما الله. إذا ثبت هذا فيقول في مسألة النكاح وجد من الزوج فعل مستدل به على إيقاع الطلاق في العين، وهو إقدامه على نكاح المكية، فإن الظاهر من حال العاقل المسلم أن يقصد بتصرفه الصحة، ولا صحة لنكاح المكية دون وقوع الطلاق على إحدى الكوفيات بفعله، أما في مسألة «الزيادات» لم يوجد من الزوج بعد قوله: إحداكما طالق فعل مستدل به على البيان فكان النكاح باقياً فيها من كل وجه، فوجد الرضاع بعده، وهما منكوحتان له قياساً. وعامتهم على أن الإيجاب المبهم نازل من وجه دون وجه؛ لأن قوله إحداكما طالق نكرة في الأصل، فإن قوله: إحدى إسم نكرة معرفة باعتبار الإضافة فإنه أضاف إليهما وهما معروفان، والمضاف إلى المعرفة معرفة فكان معرفة من وجه دون وجه فكان البيان إنشاء من وجه إظهاراً من وجه.

بعد هذا اختلفوا فيما بينهم، بعضهم قالوا: يعتبر جهة الإنشاء في محل التهمة، وجهة الإظهار في غير محل التهمة، وبعضهم قالوا: يعتبر جهة الإظهار في حق حكم يختص بالموقع، وجهة الإنشاء في حق حكم يختص بالمحل وهو الأصح؛ لأن الإيجاب المبهم نازل في حق الموقع غير نازل في حق المحل وكل حكم يختص بالموقع فالإطلاق والعتاق يكون نازلاً فيه، فيعتبر البيان فيه إظهاراً. وكل حكم يختص بالمحل فالطلاق

<<  <  ج: ص:  >  >>