للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي عصمة سعد بن معاذ المروزي رحمه الله: أن من مر بكنيف وسال منه شيء وهبت به الريح وانتضح عليه منه شيء مثل رؤوس الإبر، قال: هذا ليس بشيء، ولا يجب عليه الغسل وإن استيقن أنه بول، وهكذا ذكر محمد رحمه الله في «الأصل» ، والمذكور في «الأصل» إذا انتضح عليه البول مثل رؤوس الإبر، فليس ذلك بشيء، لأنه لا يمكن الاحتراز عنه، قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله: قوله: رؤوس الإبر دليل أن الجانب الآخر من الإبرة معتبرة، وليس عندنا هكذا، بل لا يعتبر.

وفي «نوادر المعلى» عن أبي يوسف رحمه الله: إذ انتضح من البول بشيء يرى أثره لا بد من غسله، ولو لم يغسل، وصلى كذلك، فكان إذا جمع كان أكثر من قدر الدرهم أعاد الصلاة.

ذباب المستراح إذا جلس على ثوب رجل فقد قيل لا بأس به؛ لأن التحرز عنه غير ممكن، وقيل: لا بأس به إذا فحش.

ذكر النوع الثاني من الفصلفي بيان مقدار النجاسة التي تمنع جواز الصلاة

يجب أن يعلم بأن القليل من النجاسة عفو عندنا، لما روي أن عمر رضي الله عنه سئل عن قليل النجاسة في الثوب، فقال: «إذا كان مقدار ظفري هذا لا يمنع جواز الصلاة» ، ولأن التحرز عن قليل النجاسة غير ممكن، فإن الذباب يغفو على النجاسة ثم يغفو على ثياب المصلي، لا بد وأن يكون (في) أجنحتهن وأرجلهن نجاسة، فجعل القليل عفواً لمكان البلوى، وقد صح أن أكثر الصحابة كانوا يكتفون بالاستنجاء بالأحجار، وإنه لا يزيل أصل النجاسة لولا أن القليل من النجاسة عفو، وإلا لما اكتفوا به.

ثم النجاسة نوعان: غليظة، وخفيفة، فالغليظة إذا كانت قدر الدرهم أو أقل فهي قليلة لا تمنع جواز الصلاة، وإن كانت أكثر من قدر الدرهم منعت جواز الصلاة، ويعتبر الدرهم الكبير دون الصغير، قال محمد رحمه الله في «الجامع الصغير» الدرهم الكبير أكبر ما يكون من الدرهم ولم يبين أنه أراد بالكبير من حيث العرض والمساحة أو من حيث الوزن، وذكر في «النوادر» أن الدرهم الكبير أكبر ما يكون من الدراهم كالدراهم السود الزبرقانية، درهم كبير أسود ضربه الزبرقان، وقال في موضع آخر: الدرهم ما يكون عرض الكف كالدرهم السهيلي، فهذا اعتبار التقدير من حيث العرض.

ومن المشايخ من قال: إنما يعتبر أكبر ما تكون الدراهم من نقود زمانهم أما ما كان من النقود وانقطع لا يعتبر، وذكر في «كتاب الصلاة» : واعتبر الكبير من حيث الوزن، قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله يوفق بين ألفاظ محمد رحمه الله، فنقول (٢٨ب١) أراد بالتقدير من حيث الوزن تقدير النجاسة الغليظة، وهو الصحيح من المذهب أن في الرقيقة يعتبر الدرهم من حيث العرض، وفي الغليظة يعتبر الدرهم من حيث الوزن، ثم إنما قدروا بالدرهم، لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قدره بظفره، وظفره كان يبلغ قدر الدرهم الكبير واعتباراً لموضع الحدث؛ لأن الشرع عفى عن النجاسة التي في موضع الحدث،

<<  <  ج: ص:  >  >>