للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه حكم بطهارته بالاستنجاء بالحجر، وإنه يزيل العين لا الأثر، والأثر مانع جواز الصلاة كالعين، فدل أن الشرع عفا عن النجاسة التي في موضع الحدث، وموضع الحدث يبلغ قدر الدرهم الكبير لكن استقبحوا ذكر موضع الحدث، فكنوا عنه بالدرهم، هكذا قاله إبراهيم النخعي رحمه الله.

وأما النجاسة الخفيفة، فالتقدير فيها بالكثير الفاحش هكذا ذكر محمد رحمه الله في هذا «الكتاب» ، وفي «الأصل» ولم يبين لذلك حداً، وروى بشر بن غياث عن أبي يوسف رحمه الله، قال: سألت أبا حنيفة رحمه الله عن حد الكثير الفاحش فكره أن يحد فيه حداً، فقال: الكثير الفاحش ما يستفحشه الناس ويكثرونه، وكان لا يقدر ما استطاع؛ لأن المقادير لا تعرف قياساً.

وروى الحسن في «المجرد» عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال: الكثير الفاحش شبر في شبر في «كتاب الصلاة» للمعلى قال: هو شبر أو أكثر، وعن محمد رحمه الله أنه قال: الكثير الفاحش هو ربع الثوب، وذكر أبو علي الدقاق رحمه الله في كتاب «الحيض» : الكثير الفاحش عند أبي حنيفة، ومحمد رحمهما الله ربع الثوب، وروى هشام عن محمد رحمه الله أنه قال: الكثير الفاحش مقدار باطن الخفين معاً، وأن يستوعب القدمين، وروي عن محمد رحمه الله أن الفاحش في الخف أكثر الخف، وإنما خص الخف بالأكثر على هذه الرواية؛ لأن الضرورة فيه مستدامة خصوصاً لسايس الدواب، فقدر الفاحش فيه بالأكثر إظهاراً لتوسعه، وقد اختلفت الروايات فيه عن أبي يوسف رحمه الله، ذكر في «كتاب الصلاة» : أنه شبر في شبر، قاله الفقيه أبو الليث رحمه الله، وهكذا ذكر في «الأمالي» .

وفي «صلاة الأثر» قال أبو يوسف رحمه الله في لعاب الحمار: قدر شبر فاحش يعيد منه الصلاة، وفي عرفه الفاحش أكثر من شبر، وفي الوضوء أكثر من شبر على أصله، وذكر الطحاوي في «مختصره» عن أبي يوسف ذراعاً في ذراع، وقيل على قوله على قياس مسائل كثيرة، الكثير الفاحش أكثر من النصف، في النصف روايتان.

قال مشايخنا: الأصح التقدير بالربع؛ لأن الربع أقيم مقام الكل في كثير من الأحكام، المسح ربع الرأس أقيم مقام الكل، وكحلق ربع الرأس في الإحرام أقيم مقام حلق الكل، وكذا كشف ربع العورة أقيم مقام كشف الكل.

ثم اختلف المشايخ في كيفية اعتبار الربع بعضهم، قالوا: يعتبر ربع جميع الثوب لأن اسم الثوب يقع على المحيط بجميع أجزائه، فيصير ربع جميع الثوب إلا أنهم اختلفوا فيما بينهم، حكي عن أبي بكر الرازي أنه يعتبر ربع السراويل احتياطاً؛ لأنه أقصر الثياب، ومنهم من قال: يعتبر ربع ثوب كامل، وقال بعض المشايخ: يعتبر ربع الطرف الذي أصابه النجاسة، يعني: ربع الكم أو الذيل أو الدخريص.

بعد هذا يحتاج إلى الحد الفاصل بين الغليظة والخفيفة: قال القدوري رحمه الله في «شرحه» : النجاسة الغليظة عند أبي حنيفة رحمه الله كل عين ورد في نجاستها نص ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>