كالوديعة والعارية أو كان مضموناً عليه إلا أنه لم يكن مضموناً عليه بالقيمة، كالرهن لا يعتق؛ لأن مثل هذا القبض لا ينوب عن قبض الشراء فتنحل اليمين بالشراء ولا ملك في تلك الحال فلا يعتق.
وعن محمّد رحمه الله: إذا قال لعبده نسيت عتقك أو رضيت جاز قال ابن رستم يعتق، وروى بشر عن أبي يوسف قوله نسيب عتقك وشرط النية فيه لوقوع العتق.
وفي «البقالي» إذا قال لعبده أنت حر أمس وإنما يملكه اليوم فهو حر قضاء أو ديانة، إلا أن ينوي عتقاً من جهته فيدين، وكذلك قبل أن أشتريك بخلاف قوله أعتقتك قبل اشتريتك.
وفي طلاق «المنتقى» عن أبي يوسف: إذا قال لعبده أنت حر أمس، وقد اشتراه اليوم إنه يعتق، قال: ولا يشبه هذا الطلاق قال فصار تقدير مسألة العتاق، كأنه قال: أنت حر الأصل.
وإذا قال: كل مملوك لي حر وله عبيد وأمهات أولاد، ومدبرون ومكاتبون عتقوا جميعاً (من) غير نية إلا المكاتبين فإنهم لا يعتقون إلا بالنية، أما لا يعتق المكاتبون من غير نية إما لأن في ملكهم قصوراً، فإنهم أحرار يداً أو لأن في نسبهم إلى المولى قصور.
ولو قال: كل مملوك لي حر فنوى الرجال دون النساء، أو نوى النساء دون الرجال صدق ديانة لا قضاء؛ لأنه أراد الخصوص من العموم، ومن نوى الخصوص من العموم لا يصدق قضاء؛ لأنه خلاف الظاهر ويصدق فيما بينه وبين الله، لأنه نوى ما يحتمله لفظه، فالعام يحتمل الخصوص.f
ولو قال: مماليكي كلهم أحرار فنوى الرجال دون النساء أو النساء دون الرجال لم يذكر هذا الفصل في «الكتاب» ، قالوا: ينبغي أن لا يصدق ديانة ها هنا، فإن نوى الخصوص من العموم، والأصل في هذا: أن كلمة كل إذا ذكر بعد اسم العام بنعت الخصوص كما في قوله تعالى: {فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس}(الحجر: ٣٠) وإذا ذكر قبل الاسم العام لا يمنع الخصوص، كما في قوله جلت قدرته {تدمر كل شيء بأمر ربها}(الاحقاف: ٢٥) ، وكان قابلاً للتخصيص؛ لأنه لم يذكر كثيراً من الأشياء، فإنه لم يبدأ من السموات والأرض، والمعنى في ذلك أن بعد الاسم العام كلمة كل لا تذكر للتعميم، فإن التعميم ثابت بالاسم، وإنما يذكر للتأكيد ويمنع الخصوص، فأما قبل الاسم العام لا يذكر للتأكيد، لأن التأكيد صفة للاسم، ولا يتصور قبل ذكر الموصوف، فيكون اسماً عاماً كغيرها من الأسماء، فيكون قابلاً للتخصيص.
إذا ثبت هذا فنقول: في قوله مماليكي أحرار كلمة كل ذكرت بعد الاسم العام فمنعت الخصوص، فيكون ناوياً الخصوص في لفظ لا يحتمل الخصوص فلا يصدق ديانة كما لا يصدق قضاءً، بخلاف قوله كل مملوك لي حر؛ لأن هناك كلمة كل ذكرت قبل الاسم العام، فلا يمنع الخصوص فقد نوى الخصوص في لفظ يحتمله فيصدق ديانة.
ثم إن محمّداً رحمه الله يقول في هذه المسألة في عتاق «الأصل» : إذا نوى الرجال