للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون النساء أو نوى النساء دون الرجال صدق ديانة لا قضاء، وفي أيمان «الأصل» (٣٣٦ب١) قال: إذا نوى الرجال دون النساء وأجاب بما أجاب في العتاق ولم يذكر ما إذا نوى النساء دون الرجال.

حكي عن الفقيه أبي بكر البلخي رحمه الله أنه كان يجعل في المسألة روايتان، وكان يقول: إذا نوى النساء دون الرجال لا يصدق ديانة على رواية الأيمان وعلى رواية العتاق يصدق، وإذا نوى الرجال دون النساء يصدق ديانة على الروايات كلها.

وجه ما ذكر في العتاق ظاهر: أنه نوى الخصوص من العموم فيصدق ديانة كما نوى الرجال دون النساء، وجه ما ذكر في الأيمان أن كلمة كل دخلت على المملوك، والمملوك اسم للذكر يقال للأنثى مملوكة إلا أن الأنثى تدخل في هذا الاسم تبعاً؛ إلا أنا لو صححنا نية النساء فقد جعلنا ما هو الثابت باللفظ تبعاً أصلاً، والتبع في الشيء لا يصير أصلاً في ذلك الشيء وبه فارق ما إذا قال: نويت الرجال دون النساء، والصحيح أن لا يجعل في المسألة روايتان، لكن أشبع محمّد رحمه الله الجواب في العتاق وأوجز في الإيمان، ووجه ذلك: ما ذكرنا أنه نوى الخصوص من العموم وما قال من المعنى فاسد؛ لأن المملوك مشتق من ملك يملك لا من الذكورة والأنوثة.

ألا ترى أن هذا الاسم يقع على الدار والخشب والثوب لوجود الملك، وإن كان لا يوجد الذكورة والأنوثة قلنا والملك لا يختلف بالذكورة والأنوثة، فكان كاسم الآدمي يقع على الذكر والأنثى، لأنه اسم مشتق من كونه ولد آدم والذكر والأنثى في هذا سواء، وعلى هذا لا يتأتى ما ذكر معنى الاستحالة، وإن قال أعني المدبرين ذكر في عتاق «الأصل» أنه لا يصدق قضاءً ولم يتعرض للديانة وذكر في أيمان «الأصل» الأصل أنه لا يصدق قضاءً وديانة، فمن مشايخنا من لم يجعل في المسألة روايتين، وإليه مال شيخ الإسلام رحمه الله ومنهم من جعل في المسألة روايتين وإليه مال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله، والأول أظهر ووجه ذلك: أنه نوى تخصيص ما ليس في لفظه؛ لأنه نوى تخصيص الوصف، فإن التدبير في المماليك حقه وبهذا يقال: مملوك مدبر ومملوك غير مدبر، وصفة المملوك غير ملفوظ بها وإنما يثبت اقتضاء، ضرورة أن المسمى لا ينفك عن الصفة فتكون نية التخصيص فيما ثبت اقتضاء، والمقتضى غير ملفوظ فهو معنى قولنا: إنه نوى تخصيص ما ليس في لفظه ونية التخصيص فيما ليس بملفوظ، فهو معنى غير صحيحة قضاءً وديانةً كان القياس أن لا يصح تخصيص الأنوثة والذكورة من هذا اللفظ؛ لأن الذكورة والأنوثة حق المماليك لا ذكر لها لفظاً وإنما يثبت اقتضاءً إلا أنا تركنا القياس ثمة لضرورة، وبيان الضرورة: أن العام قابل للخصوص..... النية، ولا يمكن التخصيص إلا باعتبار الوصف فإن المخصوص لا يمتاز عن الاسم العام إلا باعتبار الوصف، فلو لم تصح نية التخصيص في الوصف أصلاً ما أمكن تخصيص عام أبداً وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>