للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل على ترك القياس في الثوب كان للتعامل، ما حكي عن الفقيه أبي إسحاق الحافظ رحمه الله: أنه لو غسل ثلاثة أثواب مختلفة في ثلاثة إجانات وعصرها في كل مرة لا تطهر؛ لأنه لا تعامل فيه، إنما التعامل في ثوب واحد، ثم إذا طهر الثوب بالغسل في الإجانات على قول من قال به طهرت الإجانة، لأن نجاسة الإجانة كانت تبعاً لنجاسة الثوب، فإذا طهر الثوب طهرت الإجانة بطريق التبعية، وهو نظير ما قلنا في طهارة الدلو والرشاء تبعاً لطهارة البئر، هذا إذا أصابت النجاسة شيئاً يتأتى فيه العصر.

فأما إذا أصابت شيئاً لا يتأتى فيه العصر، فقام إجراء الماء فيه مقام العصر حتى حكي عن الفقيه أبي إسحق الحافظ رحمه الله: أنه إذا أصابت النجاسة البدن يطهر بالغسل ثلاث مرات متواليات؛ لأن العصر متعذر فقام التوالي في الغسل مقام العصر.

وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: خف بطانة ساقه من الكرباس، فدخل جوفه ماء نجس، فغسل الخف ودلكه باليد ثم ملأه بالماء ثلاثاً وأهراقه إلا أنه لم يتهيأ له عصر الكرباس، فقد طهر الخف وعلل ثمة فقال: لأن جريان الماء قد يقام مقام الغسل واستشهد، فقال: ألا ترى أن البساط النجس إذا جعل في نهر وترك فيه يوماً وليلة حتى جرى عليه الماء يطهر، وإذا أصابت النجاسة الأرض، فإن كانت رخوة طهرت بالصب عليها؛ لأنها صارت بمنزلة العصر في الثوب، وإن كانت صلبة فاندفع الماء عن موضع النجاسة طهر ذلك المكان، وينجس الموضع الذي انتقل الماء إليه، وإن لم ينتقل الماء عن ذلك المكان يحفر ذلك الموضع، هكذا ذكر القدوري رحمه الله، ومعنى قوله يحفر ذلك الموضع أنه يجعل أعلاها أسفلها وأسفلها أعلاها.

وفي «الطحاوي» : إذا كانت الأرض محددة، وكانت صلبة، فإنه يحفر في أسفلها حُفيرة، فيصب الماء عليها، فيجمع الماء في تلك الحفيرة فيغسل الأرض ثم يكنس الحفيرة، وإن كانت الأرض مستوية وكانت صلبة، فلا حاجة إلى غسلها بل يجعل أعلاها أسفلها وأسفلها أعلاها ويطهر.

وفي «الفتاوى» : البول إذا أصاب الأرض واحتيج إلى الغسل يصب الماء عليه عند ذلك وينشف ذلك ... أو خرقة، فإذا فعل ذلك ثلاثاً طهر وإن لم يفعل كذلك، ولكن صب عليه ماءً كثيراً حتى عرف أنه زالت النجاسة، ولا يوجد في ذلك لون ولا ريح ثم تركه حتى تنشفه الأرض كان طاهراً، وعن الحسن بن أبي مطيع رحمه الله قال: لو أن أرضاً أصابها نجاسة، فصب عليها الماء، فجرى عليها إلى أن أخذت قدر ذراع من الأرض طهرت الأرض، والماء طاهر ويكون ذلك بمنزلة الماء الجاري.

وفي «المنتقى» : أرض أصابها بول أو عذرة ثم أصابها ماء المطر، وكان المطر غالباً قد جرى ماؤه عليه فذلك مطهر له، وإن كان المطر قليلاً لم يجر ماؤه عليها لم يطهر، ثم قال: وليغسل قدميه وخفيه؛ لأن غسل كل شيء إنما يكون على حسب ما يليق

<<  <  ج: ص:  >  >>