بذلك الشيء واللائق بالأرض إجراء الماء عليه قد وجد إذا كان المطر غالباً، ولم يوجد إذا كان المطر قليلاً، فبقي نجساً، فإذا وضع عليها خفه أو قدمه فقد تنجس، فيجب الغسل، فإذا كان ذلك الموضع قد يبس قبل المطر، فلا يغسل (٣٠أ١) قدميه يريد به إذا كان المطر قليلاً، وهذه إشارة إلى إحدى الروايتين في الأرض النجسة يبست ثم أصابها الماء.
وفي «متفرقات الفقيه أبي جعفر» عن أبي يوسف رحمهما الله أنه سئل عن غسل أرض أصابها نجاسة، قال: إذا صب عليها من الماء مقدار ما يغسل به ثوب أصابته هذه النجاسة ثلاث مرات، وعصر في كل مرة يطهر وطهرت الأرض بهذا المقدار، فبلغ هذا القول أبا عبد الله محمد بن سلمة رحمه الله، فأعجبه وقال: ما أحد أتى أبا يوسف رحمه الله إلا وجد عنده فائدة.
حصير أصابه نجاسة، فإن كانت النجاسة يابسة لا بد من الدلك حتى تلين، وإن كانت رطبة إن كان الحصير من قصب أو ما أشبه ذلك، فإنه يطهر بالغسل ولا يحتاج فيه إلى شيء آخر؛ لأن النجاسة لا تدخل أجزاء القصب، بل تبقى على ظاهر، فيطهر بالغسل، وإن كان الحصير من بردي أو ما أشبه ذلك غسل ويوضع عليه شيء ثقيل أو يقوم عليه إنسان حتى يخرج الماء من أثنائه، هكذا ذكر في بعض المواضع ذكر عن الفقيه أحمد بن إبراهيم أن الحصير إذا كان من بردي يغسل ثلاثاً، ويجفف في كل مرة ويطهر عند أبي يوسف رحمه الله، خلافاً لمحمد رحمه الله.I
وفي «شرح الطحاوي» أنه لا يؤقت في إزالة النجاسة إذا أصابت الحجر أو الآجر أو شيئاً من الأواني، بل يغسله مقدار ما يقع في أكبر رأيه أنه قد طهر، ويشترط مع ذلك أن لا يوجد منه طعم النجاسة ولا رائحتها ولا لونها، فأما إذا وجد هذه الأشياء لا يحكم بالطهارة قال ثمة: وسواء كانت الآنية من خزف أو غيره، وسواء كانت قديمة أو جديدة.
وعن محمد رحمه الله أن الخزف الجديد إذا وقع فيه خمر أو بول أنه لا يطهر أبداً.
وفي «النوازل» : إن تشربت النجاسة في النصاب بأن غمس السكين بماء نجس أو كان الخزف أو الآجر جديدين على قول محمد رحمه الله لا يطهر أبداً، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله يمر الحديد بالماء الطاهر ثلاثاً ويغسل الآجر الجديد والخزف الجديد بالماء ويجفف في كل مرة ويطهر.
وحدّ التجفيف أن يترك في كل مرة حتى ينقطع التقاطر وتذهب الندوة ولا يشترط اليبس.
وعلى هذا الاختلاف الحنطة إذا أصابتها خمر وتشربت فيها وانتفخت من الخمر فغسلها عند أبي يوسف أن تنقع في الماء حتى تشرب الماء كما تشربت الخمر ثم تجفف، يفعل ذلك ثلاث مرات ويحكم بطهارتها عند أبي يوسف، وقيل: مثل هذا في غسل الخزف الجديد أن يوضع في الماء حتى يتشرب فيه الماء كالنجاسة، ويطهر في قول أبي يوسف.
ورأيت في «المنتقى» عن أبي يوسف رحمه الله ثوب كان فيه خمر فتطهيره أن يجعل الماء فيه ثلاث مرات كل مرة بساعة إذا كان الثوب جديداً.