الحديد إذا أصابه نجاسة فأدخله في النار قبل أن يمسحه أو يغسله، ينبغي أن يطهر إذا ذهب أثر النجاسة ويكون الحرق كالغسل، ألا ترى إلى ما ذكر في «الفتاوى» : إذا أحرق رجل رأس شاة ملطخ وزال عنه الدم فإنه يحكم بطهارته كذا هنا بخلاف ما إذا مرّ الحديد بالماء النجس على قول محمد رحمه الله لأن النجاسة تسير فيه بالتمويه، أما بدون التمويه لا تتسرب فيه النجاسة بل يبقى على ظاهره فتزول بالإحراق.
وإذا سعرت التنور ثم مسحه بخرقة مبتلة نجسة ثم حرقت فيه فإن كانت حرارة النار أكلت بلّة الماء قبل إلصاق الخبز بالتنور لا يتنجس الخبز لأن النجاسة لا تبقى إذا نشف التنور بالنار كما لا تبقى نجاسة الأرض إذا يبست بالشمس.
قال الزنرويستي رحمه الله في «نظمه» : شيئان يطهران بالجفاف: الأرض إذا أصابها نجاسة فجفّت ولم يُرَ أثرها جازت الصلاة فوقها. والتلة والحشيش وما نبت في الأرض إذا أصابتها النجاسة فجفت طهرت لأنها من نبات الأرض والأرض تطهر بهذا فكذا نباتها.
ورأيت في موضع آخر أن الكلأ أو الشجر ما دام قائماً على الأرض ففي طهارته بالجفاف اختلاف المشايخ، وحكى الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله أنه قال: الحمار إذا بال على السك فوقع عليه الظل ثلاث مرات والشمس ثلاث مرات فقد طهر ويجوز عليه الصلاة الحشيش إذا أصابه النجاسة وأصابه المطر بعد ذلك كان له بمنزلة الغسل.
وفي بعض النسخ حكم الحصى حكم الأرض إذا تنجست فجفت وذهب أثرها، يريد به: إذا كان الحصى في الأرض متداخلاً، فأما إذا كان على وجه الأرض لا يطهر، وكذا الحجر على وجه الأرض إذا أصابته نجاسة.
في «متفرقات الفقيه أبي جعفر رحمه الله، والآجرة إذا كانت مفروشة فحكمها حكم الأرض تطهر بالجفاف وإن كانت موضوعة تُنقل، وتجول من مكان إلى مكان لا بُدّ من الغسل، وكذلك اللبنة إذا أصابتها نجاسة وهي غير مفروشة لا تطهر بالجفاف، وإن كانت مفروشة وصلى عليها بعد الجفاف يجوز لأن في الوجه الثاني صارت من وجه الأرض بخلاف الوجه الأول، فإن خلعت بعد ذلك هل تعود نجسة؟ ففيه روايتان.
الخف أو النعل أو الثوب إذا أصابه مني فإن كان رطباً فلا بُدّ من الغسل. وإن كان يابساً يجوز فيه الفرك، عرف ذلك ما روت عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلّمأنه قال لها: «إذا وجدت المني على الثوب، فإن كان رطباً فاغسليه وإن كان يابساً فافركيه» .
قال الفقيه أبو إسحاق الحافظ رحمه الله: المني اليابس إنما يطهر بالفرك إذا كان رأس الذكر طاهراً وقت خروجه بأن كان بال واستنجى، أما إذا لم يكن طاهراً لا يطهر