قالوا: وهكذا روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله، قيل أيضاً: إذا كان رأس الذكر طاهراً إنما تطهر الثياب بالفرك إذا خرج المني قبل خروج المذي، فأما إذا خرج المذي على رأس الإحليل ثم خرج المني لا يطهر الثوب بالفرك.
وإذا فرك المني اليابس عن الثوب وحكم بطهارة الثوب ثم أصاب الماء ذلك الثوب هل يعود نجساً فهو على الروايتين، وقد مرّ نظير هذا فيما تقدم.
وإذا كانت النجاسة على بدن الآدمي ذكر في «الأصل» أنها لا تطهر إلا بالغسل رطباً كان أو يابساً لها جرم أو لا جرم لها. وفي «القدوري» : لا يطهر شيء كان فيه نجاسة من ثوب أو بدن إلا بالغسل إلا المني فإنه يجوز فيه الفرك إذا كان يابساً على الثوب، وإن كان على البدن لا يكتفى بالحتّ ويغسل في رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله، لأن البدن لا يمكن أن يفرك ولأن لمس البدن وتجاذ به فلا يزول بالحت منه ما يزول بالفرك في الثوب فبقي على الأصل.
وذكر الكرخي رحمه الله مسألة المني في «مختصره» وذكر أنها تطهر بالفرك من غير فصل بين العضو وغيره. ويجوز إزالة النجاسة من الثوب والبدن بكل شيء ينعصر بالعصر كالخل وبماء الريق في قولهما، وقال محمد وزفر لا يزول إلا بالماء، وروي عن أبي يوسف في البدن كذلك، وفرّق أبو يوسف رحمه الله على هذه الرواية بين الثوب والبدن ووجه الفرق: أن البدن كما يقبل النجاسة الحقيقية يقبل النجاسة الحكمية ثم النجاسة الحكمية اختص زوالها بالماء فكذا النجاسة الحقيقية ولا كذلك الثوب.
وفي «المنتقى» رجل على ساقه دم أخذ كفّاً من ماء وغسل به ذلك الدم وسال الماء على يده أجزأه وطهّره، ولو غمس يده في الماء ولم يأخذ في يده شيئاً منه ثم مسح به موضع الدم حتى ذهب أثره لم يجزه، يريد به إذا مسح موضع الدم بعدما أخرجه من الماء، أما لو مسح به في الماء حتى ذهب أثره يجزئه وهذا ظاهر.
وفي «نوادر بشر» عن أبي يوسف: كل ما غسل به الثوب من شيء نحو الدم وأشباهه يخرج منه الدم بعصره فانعصر حتى سال فقد أذهب النجس. قال: والأدهان لا تخرج الدم لأن لها رسوبة ولصوقاً بالمحل فلا يقدر على الاستخراج. قال: ولو غسله بلبن أو خل فانعصر موضع الدم (٣١أ١) . حتى خرج من الثوب فقد طهر، وروى الحسن بن زياد عن أبي يوسف رحمه الله إذا غسل الدم من الثوب بدهن أو سمن أو زيت حتى يذهب أثره جاز، ولو أصاب يديه لم يجز إلا أن يغسله بالماء، وقد ذكرنا الفرق بين البدن والثوب على رواية أبي يوسف.
وفي «المنتقى» وقال أبو يوسف في المحتجم لا يجزئه أن يمسح الدم عن موضع الحجامة حتى يغسله، قال الحاكم: رأيت عن أبي حفص عن محمد بن الحسن رحمهم الله أنه إذا مسحه بثلاث خرق رطاب نظاف أجزأه.
وفي «نوادر إبراهيم» عن محمد في حمار وقع في الملاحة ومات وترك حتى صار ملحاً أكل الملح، وقال أبو يوسف: لا يؤكل، وكذلك رماد عذرة أحرقت وصلى عليه