للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الدار عبارة عن قوله ما سكنت فإنما ينتهي اليمين ببطلان السكنى وذلك بانتقال أهله ومتاعه وأثاثه على ما يأتي بيانه في فصل السكنى إن شاء الله تعالى.

ونص الفضلي في «فتاويه» أن نقل أهله ومتاعه ليس بشرط وخروج المحلوف عليه بنفسه يكفي لانتهاء اليمين فإنه قال في مسألة الشرب: لو خرج من بخارى بنفسه لا غير، ثم شرب لا يحنث إلا إذا عنى بقوله: ما دمت ببخارى أن تكون بخارى وطناً له.

وفي «القدوري» إذا قال: والله لا أكلم فلاناً ما دام عليه هذا الثوب أو ما كان عليه أو ما زال عليه فنزعه ثم لبسه فكلمه لا يحنث. ولو قال: لا أكلمه وعليه هذا الثوب فنزعه ثم لبسه وكلمه حنث لأن في هذه الصورة ما جعل اليمين مؤقتاً بوقت بل قيده بصفة فيبقى اليمين ما بقيت تلك الصفة.

وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله إذا قال لأبويه: إن تزوجت ما دمتما حيين فكذا، فتزوج امرأة في حياتهما وحنث، لو تزوج امرأة أخرى في حياتهما لا يلزمه الحنث، ولو قال: لكل امرأة أتزوجها ما دمتما حيين، وقال بالفارسية: «هررنى» يلزمه الحنث بكل امرأة يتزوجها ما داما حيين فإن مات أحدهما. روي عن محمد رحمه الله أنه سقط اليمين حتى لو تزوج امرأة بعد ذلك لا يلزمه حكم الحنث لأن شرط الحنث التزوج ما داما حيين ولا يتصور ذلك بعد موت أحدهما فيسقط اليمين ضرورة.

وفي «المنتقى» رواية مجهولة إذا قال لأبويه: كل امرأة أتزوجها فهي طالق حتى تموتا فمات أحدهما لا يسقط اليمين، ولو قال: كل امرأة أتزوجها ما دمتما حيين فمات أحدهما لا يسقط اليمين حتى لو تزوج امرأة بعد ذلك لا يلزمه الحنث.

وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله إذا قال لامرأته: والله لا أكلمك ما دام أبواك حيين فكلمها بعد (ما) مات أحدهما لا يحنث لأن اليمين قد سقط بموت أحدهما وفي هذا الموضع إذا حلف لا يأكل هذا الطعام ما دام في ملك فلان، فباع فلان بعضه ثم أكل الحالف الباقي لا يحنث لأن اليمين قد انتهى ببيع البعض.

وإذا قال لغيره: إن لم أخبر فلاناً بما صنعت حتى يضربك فعبدي حر أو قال: امرأتي طالق، فأخبر فلاناً بما صنع فلم يضربه حتى مات لا يحنث في يمينه الأصل أن كلمة حتى تجيء في كلام العرب بمعنى الغاية، قال الله تعالى: {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} (البقرة: ١٨٧) وتجيء بمعنى لام السبب قال الله تعالى: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام ا} (التوبة: ٦) معناه ليسمع كلام الله. وتجيء بمعنى العطف يقال: جاءني القوم حتى زيد، أي: وزيد معهم غير أنها في الأصل للغاية فيحمل على الغاية ما أمكن، وشرط إمكان حملها على الغاية أن يكون ما دخل عليه كلمة حتى قابلاً للامتداد، وأن يكون ما دخل عليه كلمة حتى مقصوداً.... في أنها المحلوف عليه، وفي تركه، فإن تعذر حملها على الغاية تحمل على لام السبب، وشرط

<<  <  ج: ص:  >  >>