إمكان حملها على لام السبب أن يكون العقد معقوداً على فعلين أحدهما من جهته والآخر من جهة غيره ليصلح أحدهما خبراً للآخر فإن تعذر حملها على لام السبب تحمل على العطف، ومن حكمة الغاية أن يشترط وجودها للبر، فإن أقلع عن الفعل قبل الغاية يحنث في يمينه، ومن حكم لام السبب أن يشترط وجود ما يصلح سبباً لا وجود المسبب، ومن حكم العطف أن يشترط وجودها للبر.
وإن ثبت هذا جئنا إلى تخريج المسألة فنقول: شرط البر في هذه المسألة إخبار مطلقاً إخبار ينتهي بالضرب، لأن الإخبار مما لا يمتد، ولهذا يضرب له مدة فلا يقال: أخبر به يوماً أو شهراً أو ما أشبه ذلك فلا يمكن (٣٦٤أ١) حمل حتى على الغاية فيحمل على لام السبب ما أمكن ذلك لأن الإخبار يصلح سبباً للضرب لأنه بالإخبار بما صنع أعداه على الضرب فحمل عليه كأنه قال: إن لم أخبر فلاناً بما صنعت ليضربك. وهذا وقوله: إن لم أسبب لضربك ليضربك سواء، فإذا أخبر قد سبب لضربه فيبر في يمينه.
وهو نظير ما لو حلف ليهبن فلاناً ثوباً حتى يلبسه، أو دابة حتى يركبها فوهبه برّ في يمينه لبسه فلان أو لم يلبس، ركبها فلان أو لم يركب، وكذلك لو حلف ليشهدن عليه بكذا بين يدي القاضي حتى يقضي به عليه فشهد عليه، ولم يقض القاضي به بر من يمينه، ولو قال: إن لم أضربك حتى يضربني فكذا، فضربه الحالف بر من يمينه ضرب المحلوف عليه الحالف لا يصلح غاية لما ذكرنا أن غاية الشيء مما يؤثر في إنهائه، وضرب المحلوف عليه الحالف يدعوه إلى زيادة الضرب لا إلى تركه وإنهائه فلا يصلح غاية، أما يصلح خبراً فيحمل عليه.
ولو قال: إن لم أضربك حتى يدخل الليل أو حتى يشفع لك فلان أو حتى يصلح، أو حتى يشتكي فأقلع عن الضرب قبل هذه الأشياء يحنث في يمينه؛ لأن هذه الأشياء تصلح غاية للضرب؛ لأن الإنسان يمتنع عن الضرب بهذه الأمور فصار شرط النية الضرب الممتد إلى هذه الأشياء، فإذا أقلع قبل هذه الأشياء لم يوجد شرط البر يقع الحنث ضرورة.
وكذلك إذا قال لغريمه: إن لم آتك حتى تعطيني حقي فتركه قبل أن يقضيه حنث؛ لأن الملازمة مما يمتد وإنما ينتهي عند وجود القضاء عادة فحمل كلمة (حتى) على الغايه وصار شرط البر ملازمة ممتدة إلى وقت الاستيفاء.
ولو قال: عبده حر إن لم آتك اليوم حتى أتغذى عندك، أو قال: إن لم تأتني اليوم حتى تتفدى عندي، أو قال: إن لم آتك اليوم حتى أعذبك، أو قال: إن لم تأتني اليوم حتى تعذبني، أو قال: إن لم آتك اليوم حتى أجربك كان وجودها شرطاً للبر لأنه لا يمكن حمل حتى على الغاية لأن الإثبات مما لا يمتد، وإنه ظاهر، ولا على لام السبب لأنه عقد اليمين على فعلين من جهة واحدة، وفعل الإنسان لا يصلح حداً لفعله فحمل على العطف وصار تقدير يمينه إن لم آتك فأتغدى عندك، ولو نص على هذا كان وجودهما شرطاً للبر، كذا هاهنا.