وإن أطلق الكلام إطلاقاً فقال: إن لم آتك حتى أتغدى عندك فكذا فأتاه ولم يتغد عنده ثم تغدى عنده في يوم آخر من غير أن يأتيه بر في يمينه لأنه لما أطلق الكلام إطلاقاً كان شرطاً لبر وجودهما في الجملة سواء اتصل أحدهما بالآخر أو انفصل عنه لتحقق البر أولاً، فرق بين وجود شرطي البر معاً وبين وجودهما على التعاقب هذه الجملة من «الزيادات» .
في «المنتقى» عن ابن سماعة قال: سمعت أبا يوسف رحمه الله يقول في رجل قال لغريمه: والله لا أفارقك حتى تعطيني حقي اليوم، ونيته أن لا يترك لزومه حتى يعطيه حقه فمضى اليوم ولم يفارقه ولم يعطه حقه لا يحنث، فإن فارقه بعد مضي اليوم يحنث.
كذلك إذا قال: لا أفارقك حتى أقدمك إلى السلطان اليوم، أو حتى يخلصك السلطان مني فمضى اليوم ولم يفارقه ولم يقدمه إلى السلطان ولم يخلصه السلطان فهو سواء لا يحنث إلا بتركه. ولو قدم اليوم فقال: لا أفارقك اليوم حتى تعطيني حقي بمضي اليوم ولم يفارقه ولم يعطه حقه لم يحنث، وإن فارقه بعد مضي اليوم لا يحنث لأنه وقت للفراق ذلك اليوم.
في «المنتقى» ابن سماعة عن محمد رحمه الله إذا قال: والله لا أحج حتى أعتمر. فأحرم بعمرة في حجة وقضى بينهما حتى أنهما لا يحنث في يمينه، قال لأنه اعتمر قبل الحج وإنما يكون حاجاً حين تقف.
وفيه أيضاً: إذا حلف لا يعطي فلاناً ماله حتى يقضي عليه قاض، فقضى القاضي بذلك على وكيله، فهذا قضاء عليه لو أعطاه بعد ذلك لا يحنث.
وفي «نوادر هشام» عن أبي يوسف رحمه الله في رجل دعا جاريته إلى فراشه فأبت عليه فقال: إن لم تجيئيء الليل حتى أجامعك مرتين فأنت حرة فجاءته من ساعتها فجامعها مرة لم يزد عليها قال: تعتق. وروى عيسى بن أبان عن محمد رحمه الله إذا قال لامرأته: إن لم تجيئي الليل حتى أغشاك فأتت في تلك الليلة فلم يغشاها قال لا حنث عليه، قال: وإنما كانت اليمين على مجيئها إليه، ولم يكن على عشيانه لها، فإذا أتته فقد بر في يمينه، فإن شاء غشاها وإن شاء تركها. قال الفقيه أبو العباس رحمه الله قال أبو يوسف في مسألة الجارية إنما تعتق فيحتمل أن يكون في المسألة خلاف بينهما ويحتمل أن هناك مع ذكر الجماع ذكر عدد وليس هناك ذكر عدد.
في «المنتقى» عن أبي يوسف رحمه الله إذا قال الرجل: إن خرجت من هذه الدار حتى أكلم الذي فيه فكذا، وليس فيها أحد فخرج حنث في قول أبي حنيفة رحمه الله وفي قول أبي يوسف لا يحنث وهذا الجواب مشكل على القرائن جميعاً.
وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله إذا حلف الرجل لا يكلم فلاناً إلى قدوم الحاج فقدم واحد منهم انتهت اليمين، وكذلك لو حلف لا يكلم فلاناً إلى الحصاد فحصد واحد من أهل بلده انتهت اليمين، وعلى هذا القياس.... هذه المسائل.