للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوى تخصيص الملبوس أو المشروب أو المأكول وهذه الأشياء مذكورة تقتضي لفظه؛ لأن ذكر الأكل والشرب واللبس ولا وجود بهذه الأفعال إلا بالمشروب والملبوس والمأكول ذكر لهذه الأشياء، فهو معنى قولنا: نوى تخصيص ما هو مذكور مقتضى لفظه والثابت اقتضاء كالثابت نصاً، ولو ثبت ذكر هذه الأشياء نصاً بأن قال: إن لبست ثوباً وكذلك في نظائره رجح نسبة التخصيص فكذا إذا ثبت ذكرها اقتضاء بهذا الطريق قلنا: إذا قال إن خرجت فعبدي حر فنوى خروجاً دون خروج تصح نيته فيما بينه وبين الله تعالى ولظاهر رواية علمائنا رحمهم الله عبارتان.

فإن الأولى: أن النية إنما تعمل في المذكور والملفوظ لأن النية كتعيين ما يحتمله اللفظ مراد باللفظ وبعدما تبين فالحكم يثبت باللفظ فمتى لم يكن اللفظ محتملاً لما نوى لا يتعين ما نوى بلفظ لو تغير تعين نيته، ومجرد النية لا أثر لها في إثبات الحكم.

إذا ثبت هذا فنقول: الملبوس والمشروب والمأكول غير مذكور لا نصاً وهذا ظاهر ولا مقتضى لفظه لأن مقتضى اللفظة ما لا صحة للملفوظ بدونه والملفوظ ههنا صحيح بدون ذكر هذه الأشياء؛ لأن اليمين إنما عقدت لمنع فعل الأكل والشرب واللبس، ولا حاجة عند منع نفسه عن هذه الأفعال إلى وجود هذه الأشياء، إنما يحتاج إلى وجود هذه الأشياء عند مباشرة هذه الأفعال، وإذا لم تصر هذه الأشياء مذكورة أصلاً لو صحت منه التخصيص صحت في غير الملفوظ ولا وجه إليه، ولئن سلمنا أن هذه الأشياء صارت مذكورة اقتضاء، ولكن إنما صارت مذكورة بطريق الضرورة من حيث إن هذه الأفعال لا بد لها من هذه المحال إلا أن الثابت بالضرورة لا يعد واقع منع الضرورة ولا ضرورة في حق التعميم لأن بهذه الأفعال مر التعميم فلم يثبت ذكر هذه الأشياء في حق التعميم فلا يصح نيه التخصيص فيما لا عموم له بأكله.

العبارة الثانية (٣٦٥ب١) : أن نيته لو صحت إما أن تصح في الملفوظ وهو قوله: إن لبست أو شربت أو أكلت، أو فيما ثبت مقتضى الملفوظ وهو الملبوس والمشروب والمأكول لا وجه إلى الأول لأنه لو صحت نيته في قوله: إن لبست إما أن تصح من حيث أنه نوى بخصوص عن العموم ولا وجه إليه؛ لأن قوله إن لبست فعل والفعل لا عموم له إنما العموم للأسماء هكذا حكي عن سيبويه وهذا لأن الاسم مشتمل على أعيان كثيرة فيكون له عموم فأما الفعل إنما يقع على معنى واحد ولا يكون له عموم ولأن الفعل وجوده بالمباشرة فتتغلب بقدر المباشرة وإما أن يصح من حيث أنه أحد نوعي الفعل ولا وجه إليه أيضاً؛ لأن اللبس غير متنوع لغة وإنما التنوع في محل اللبس ولا وجه أن تصح نيته فيما ثبت مقتضى الملفوظ وهو الملبوس بوجهين على ما بينا في العبارة الأولى وفيما إذا قال: إن لبست ثوباً إن شربت شراباً إن أكلت طعاماً إنما صحت نيته فيما بينه وبين الله تعالى لأن الثوب والطعام والشراب مذكور نصاً على سبيل النكرة في موضع الشرط الذي هو موضع النفي، والنكرة في موضع النفي تعم فإذا نوى شيئاً دون شيء فقد نوى الخصوص من اللفظ العام، وإرادة الخصوص من اللفظ العام جائر، ولكنه خلاف الظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>