فلأجل الجواز يدين فيما بينه وبين الله تعالى ولمكان أنه خلاف الظاهر لا يصدقه القاضي.
ومن هذا الجنس ذكر في «الجامع الكبير» وصورتها: قال إن اغتسلت الليلة فعبدي حر، ثم قال: عنيت به الاغتسال عن جنابة لا يصدق ديانة، وعن أبي يوسف يصدق ديانة وإنما لا يصح قضاء وديانة على ظاهر الرواية؛ لأنه لو صحت نيته إما أن تصح في الملفوظ وهو قوله: إن اغتسلت ولا وجه إليه من حيث أنه نوى الخصوص عن العموم؛ لأن قوله: إن اغتسلت فعل والفعل لا عموم له ولا موجب أنه نوى أحد نوعي الفعل لأن الاغتسال غير متنوع لغة لأنه عبارة عن إهدار وإنما التنوع للأسباب التي يقع بها الاغتسال، وإما أن تصح نيته فيما ثبت مقتضى الملفوظ وهو الاغتسال ولا وجه إليه لأن الاغتسال ههنا إنما يثبت ضرورة صحة الفعل؛ لأن الفعل لا بد له من المصدر وهو الفعل ولا ضرورة في حق التعميم، لأن الفعل له بد في التعميم فكان ذكره المصدر عدماً في حق التعميم فلا يصح نية التخصيص فيه.
وفي قوله: إن اغتسلت اغتسالاً، نيته صحت في الاغتسال الذي هو مصدر والاغتسال مذكور نصاً، والمصدر قائم مقام الاسم، والاسم له عموم فتصح نية التخصيص فيه.
وإذا قال: إن خرجت، فقد ذكر هذه المسألة في «الجامع» : وجعلها على وجهين أحدهما: أن يقول: إن خرجت خروجاً، والثاني. أن يقول: إن خرجت (.....) من ذلك على وجوه: إما إن لم ينو شيئاً وفي هذا الوجه يمينه على السفر وما دونه في الوجهين جميعاً لأن الخروج ذكر مطلقاً غير مقيد بالسفر وما دونه وإن نوى السفر إلى مكان كأن نوى السفر إلى بغداد والذي لا تصح نيته لا قضاء ولا ديانة وإن نوى السفر أو ما دون السفر صدق ديانة ولا يصدق قضاء ذكر الجواب هكذا في الوجهين.
وهذا الجواب ظاهر فيما إذا قال: إن خرجت خروجاً لأنه نوى الخصوص عن العموم فيما هو ملفوظه وهو الخروج، فإن قال: خروجاً والخروج مصدر والمصدر يقام مقام الاسم والاسم له عموم ونية الخصوص عن العموم مما هو ملفوظ به صحيحاً ديانة لا قضاء مشكل فيما إذا قال إن خرجت ولم يقل خروجاً؛ لأن الخروج إذا لم يكن مذكوراً قبله خروج دون خروج يكون نية تخصيص ما ليس ملفوظ وذلك لا يصح كما لو قال: إن اغتسلت ونوى اغتسالاً دون اغتسال حكي عن القاضي أبي القاسم رحمه الله عن القضاة الثلاثة أنهم كانوا يقولون لا تصح نيته في هذه الصورة وكانوا يقولون ما ذكر محمد من الجواب، جواب قوله إن خرجت خروجاً لا جواب قوله إن خرجت.
ومن المشايخ من قال: ما ذكر من الجواب جواب قوله إن خرجت أيضاً وهذا القائل يفرق بين قوله إن خرجت وبين قوله: إن اغتسلت.