والفرق: أن الخروج في نفسه متنوع لغة، خروج مديد يسمى سفراً، وخروج قصير (لا) يسمى سفراً (بل) خروجاً فتصح نيته في قوله إن خرجت من حيث أنه نوى أحد نوعي الفعل فأما الاغتسال في نفسه ليس بمتنوع على ما مر.
وفي هذا الجنس إذا قال إن اغتسلت الليلة في هذه الدار فعبدي حر وقال عنيت فلاناً لا تصح نيته لأنه نوى تخصيص الفاعل والفاعل ليس بمذكور.
ولو قال: إن اغتسل هذه الليلة في هذه الدار أحد وقال عنيت فلاناً صحت نيته فيما بينه وبين الله لأن الفاعل مذكور وأنه عام فقد نوى تخصيص العام المذكور فتصح نيته وفي «الأصل» إذا حلف لا يسكن داراً لفلان وهو يعني بأجْر ولم يكن قبل ذلك كلام فسكنها بغير أجر فإنه يحنث ولا تصح نيته لأنه نوى تخصيص السكنى والسكنى الذي هو اسم غير مذكور وإنما المذكور هو الفعل وهو قوله: لا يسكن، فلا تصح نية التخصيص في الاسم، كما لو حلف لا يأكل ثم قال: عنيت طعاماً دون طعام، فإنه لا تصح نيته؛ لأن الطعام غير مذكور إنما المذكور هو فعل الأكل، فرق بين هذا وبين ما إذا حلف لا يسكن داراً يشتريها فلان ثم قال: عنيت داراً يشتريها لنفسه فإنه يكون مصدقاً وقد نوى تخصيص الشراء والشراء ليس في لفظه؛ لأنه ذكر فعل الشراء ولم يذكر الاسم وهذا قال: لا تصح نية التخصيص في السكنى؛ لأن السكنى غير ملفوظ، إنما الملفوظ هو الفعل.
ووجه الفرق بينهما أن نية الشراء ما صحت من حيث إنه نوى التخصيص وإنما صحت من حيث إنه نوى أحد نوعي الشراء فإن الشراء نوعان: ما يوجب الملك له، وما يوجب الملك لغيره، وهما يختلفان حكماً، ولا بد أن يكونا نوعين وبيان النوع جائز، وإن لم يذكر اسم ذلك النوع وإنما ذكر الفعل لا غير كما لو حلف لا يخرج ولم يقل خروجاً ثم قال: عنيت الخروج إلى السفر أو إلى ما دون السفر فإنه يصح وإن لم يذكر اسم هذا الفعل وإنما ذكر الفعل غير لأنه بيان نوع لابيان تخصيص بخلاف السكنى؛ لأن السكنى كله جنس واحد لأن حكم الكل واحدة وهو كينونته في الدار إنما تختلف الصفة لا غير يكون بأجر وبغير أجر، وباختلاف الصفة لا يصير البيت نوعاً آخر وجنساً آخر كالتركي مع الهندي فيكون الجنس واحداً فيكون هذا نية التخصيص ونية التخصيص لا تصح إن لم يكن الاسم ملفوظاً فإن قيل (٣٦٦أ١) لو صحت نية الشراء لنفسه من حيث إنه بيان نوع لا بيان تخصيص كان يجب أن يصدق في القضاء كما في الخروج.
وفي قوله أنت بائن قلنا: نية الشراء لنفسه بيان نوع من وجه وتخصيص عام من وجه في حق الحقوق تخصيص عام؛ لأن الشراء لنفسه ولغيره في حق الحقوق على السواء فيكون من هذا الوجه شيئاً واحداً له عموم، فإذا نوى أحدهما كان تخصيصاً ولكن في حق الملك بيان نوع لأنهما مختلفان في حق الملك توفيراً على الشبهين حظهما فقلنا من حيث إنه بيان نوع يصح هذا البيان فيما بينه وبين الله تعالى وإن لم يكن الاسم ملفوظاً، ومن حيث إنه تخصيص لم يصح في القضاء توفيراً على الشبهين حظهما بخلاف الخروج؛ لأنه بيان نوع من كل وجه وإن كان قبل هذا كلام يدل عليه بأن استأجرها منه أو استعارها