وحيضها عشرة، وهكذا أثبته الحاكم الشهيد في المختصر.
ومن جملة ذلك ما تراه الحامل من الدم فقد ثبت عندنا أن الحامل لا تحيض، وكذا روي عن عائشة رضي الله عنها وعرف أن المرأة إذا حبلت يُسدّ فم رحمها فلا يكون ذلك الدم خارجاً من الرحم فكان فاسداً.
ومنها الدم الذي جاوز أكثر مدة النفاس فإن أكثر النفاس مقدر شرعاً، والتقدير الشرعي ينفي أن يكون لما فوق المقدر حكم المقدر حتى لا تبطل فائدة التقدير وفي هذا المقام يحتاج إلى معرفة أكثر مدة النفاس، وسيأتي بيان ذلك بعد هذا إن شاء الله تعالى.
ومن جملة ذلك ما تراه الصغيرة جداً من الدم لأن هذا دم سبق أوانه فلا يعطى له حكم الحيض، إذ لو أعطي له حكم الحيض يحكم ببلوغها، وإنه محال في الصغيرة.
هذا واختلف في أدنى المدة التي يحكم ببلوغ الصغيرة فيه برؤية الدم، فكان محمد بن مقاتل الرازي رحمه الله يقدرها بتسع سنين لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلّمأنه تزوج عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين وبنى بها وهي بنت تسع سنين. والظاهر أنه كان يبني بها بعد البلوغ. وكان لأبي مطيع البلخي بنّية صارت جدة وهي بنت تسع عشرة سنة وكان أبو مطيع يقول فضحتنا هذه الجارية.
وبعضهم قدروها بسبع سنين قال عليه السلام:«مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعاً» والأمر للوجوب، ولا وجوب إلا بعد البلوغ. ولا تصور له إلا في هذا الموضع. وقد سئل أبو نصر محمد بن محمد بن سلام البلخي عن بنت ست سنين إذا رأت الدم هل يكون حيضاً؟ قال: نعم إذا تمادى هذا مدة الحيض فلم يكن نزوله عن آفة. وأكثر مشايخ زماننا على ما قاله محمد بن مقاتل، وبعض مشايخ زماننا قدروا ذلك بثنتي عشر سنة.
فإذا رأت الدم وهي صحيحة لأداء بها فهو حيض وإلا فهو من المرض، والأغلب في زماننا رؤية الدم في ثلاثة عشر سنة أو في أربع عشر سنة. وأصحابنا المتقدمون لم يجدوا في ذلك حدّاً لأن ذلك يختلف باختلاف الهواء وباختلاف البلدان والبيئة ولكن قالوا: إذا بلغت مبلغاً فرأت الدم ثلاثة أيام فهو حيض.
ومن جملة ذلك ما تراه الكبيرة جدّاً هكذا وقع في بعض الكتب. وقد ذكر محمد رحمه الله في «نوادر الصلاة» أن العجوز الكبيرة إذا رأت الدم مدة الحيض فهو حيض. قال محمد بن مقاتل الرازي رحمه الله رواية «النوادر» محمولة على ما إذا لم يحكم بإياسها، فأما إذا انقطع الدم وحكم بإياسها وهي بنت تسعين سنة أو نحوه فرأت الدم بعد ذلك لا يكون حيضاً كما وقع في بعض الكتب، وهو مروي عن عطاء بن أبي رباح