لا يحنث، ولو كان رجلاً فصيحاً حنث لأن العجمي يريد به موضوع اللغة، وذلك في المعرب، والعربي يريد به اللغة العربية والملحون بعدم العربية، وفي «المنتقى» إذا حلف لا يقرأ كتاباً فهذا على كتاب يتبين في بياض أو غير ذلك، وإن نوى كتاب الناس في القرطاس دين فيما بينه وبين الله تعالى ولم يدين في القضاء، والله أعلم بالصواب.
نوع آخرمن هذا الفصلفي البشارة والخبر والحديث وما يتصل بها
قال في «الجامع» : إذا قال الرجل لغيره إن أخبرتني أن فلاناً قدم فامرأتي طالق أو قال: فعبدي حر، فأخبره بذلك كاذباً حنث في يمينيه وعتق العبد، لأن شرط الحنث مطلق الخبر، ومطلقه يتحقق بالصدق والكذب، ألا ترى أن الناس في عرفهم وفي عاداتهم يقولون: أخبرنا فلان كاذباً، كما يقولون: أخبرنا فلان، وهذا بخلاف ما لو قال: إن أخبرتني بقدوم فلان، وأخبره بذلك كاذباً (لم) يحنث ولا يعتق عبده، لأن شرط الحنث في تلك المسألة إخبار ملصق (٣٧١أ١) بقدومه، لأن حرف الباء لغة للإلصاق، والخبر إذا كان كاذباً لا يكون ملصقاً بالقدوم، فلا يتحقق شرط الحنث. واستشهد في «الكتاب» ، فقال: ألا ترى أنه قال لغيره: إن أخبرتني أن امرأتي في الدار فكذا، فأخبره بذلك كاذباً يحنث في يمينه. ولو قال: إن أخبرتني بمكان امرأتي في الدار لا يحنث في يمينه والفرق ما أشرنا إليه.
ولو قال: إن بشرتني أن فلاناً قد قدم، إذا قال: إن بشرتني بقدوم فلان فكذا، فبشره بذلك كذباً لا يحنث في يمينه، لأن البشارة لغة اسم لخبر سار صرف، وليس عند المبشر له علمه، لأنها مأخوذة من البشرى، وهو ما يظهر في بشرة الوجه من فرح أو حزن، لكن كثر استعماله فيما يظهر في بشرة الوجه في فرح، فصار الاسم لما يظهر في بشرة الوجه من الفرح، حكم عليه الاستعمال كالحقيقة والكلام بحقيقته يقتضيه الأصل، وإنما يظهر الفرح في بشرة الوجه إذا كان الخبر صادقاً، ولا يكون المبشر له علم به.Y
ولو قال: إن علمتني أن فلاناً قد قدم، أو قال: إن أعلمتني بقدوم فلان فكذا، فأخبره بذلك كاذباً لا يحنث لأن شرط الحنث الإعلام، والإعلام إيقاع العلم المنافي للجهل للعبد، وبالخبر الكذب لا يحصل العلم، فلا يتحقق شرط الحنث.
وإن أخبره بذلك صادقاً ولكن بعدما علم الحالف إنه لا يحنث أيضاً، لأن العلم لم يحصل للحالف بهذا الخبر فلا يكون هذا الخبر إعلاماً، بخلاف ما لو قال: إن أخبرتني، فأخبره بعدما علم الحالف به، فإنه يحنث في يمينه، لأن مطلق الإخبار يتحقق وإن كان للمخبر له علم بالمخبر به. وإن عنى بقوله: أعلمني أخبرني حنث الحالف وإن كان الإخبار بعد ما حصل العلم للحالف بما أخبر له، لأنه نوى ما يحتمله كلامه، الإعلام إخبار وزيادة فيجوز إطلاق اسم الإعلام على الإخبار بطريق المجاز. فهو معنى قولنا: نوى ما يحتمله لفظه، وينبغي أن تصح نيته ديانة وقضاءً، لأن فيما نوى تغليظ عليه.