للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التكلم كانت يمينه على الإشارة والكتابة؛ إلا في خصلة واحدة؛ إنه إذا حلف لا يتكلم بسر فلان أو حلف لا يحدث بسرّ فلان لم يحنث بالإشارة والكتابة، وإن كانت الإشارة والكتابة بعد الخرس، وهذا لأن الخرس ينافي الكلام والحديث، ولا ينافي ما سوى ذلك من الإقرار والإخبار والبشارة على حسب ما يليق بحاله، وكل ما ذكرنا أنه يحنث بالإشارة. إذا قال: اشربوا ماء لا لزيد الذي حلفت عليه. فإن كات جواباً لشيء سئل عنه لم يصدق في القضاء، ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى، لأن ما يقوله محتمل بأن أراد بالإشارة الابتداء، إلا أنه خلاف الظاهر؛ لأن الجواب يتقيد بالسؤال فلما كان الاحتمال يدين فيما بينه وبين الله تعالى، ولما أنه خلاف الظاهر لا يصدق في القضاء، وإذا قال: لا أقول لفلان كذا، لم يذكر محمد رحمه الله هذه المسألة في «الجامع» ، ولا في «الزيادات» .

وروي عنه في «النوادر» : أنه مثل الخبر والبشارة، حتى الحنث بالكتاب والرسالة قال: ألا ترى أنك تقول: قال الله لنا كذا. ولا تقول: كلمنا، ولو حلف لا يدعو فلاناً فدعاهُ بكتابة أو رسالة روى هشام عن أبي يوسف أنه لا يحنث، وفي ظاهر الرواية يحنث، لأن في العرف الدعاء بالرسالة والكتابة كالدعاء بالمشافهة، يقال: دعا السلطان أمير بلدة كذا إلى بابه، وإن كتب إليه كتاباً أو أرسل إليه رسولاً. والرسول صلى الله عليه وسلّمبعث داعياً للكل إلى الله تعالى، وقد دعا البعض بالمشافهة والبعض بالكتابة والرسالة، وكان داعياً في حق الكل.

وروي عن محمد رحمه الله في «النوادر» : أن التبليغ بمنزلة الإخبار يحصل بالكتابة والرسول، وكذلك الذكر يحصل بالكتابة والرسول. ولو قال: أي عبد بشرني بكذا فهو حر فبشروهُ معاً عتقوا، ولو بشره واحد بعد واحد عتق الأول خاصة، ولو أرسل إليه أحدٌ منهم رسولاً فإن أضاف الرسول الخبر إلى المرسل عتق المرسل، ولو أخبره الرسول ولم يضف إلى العبد لم يعتق.

نوع آخر من هذا الفصل فيالشتم والسب وأشباهما

قال محمد رحمه الله في «الجامع» : إذا قال الرجل لغيره: إن شتمتك في المسجد فعبدي حر، فشتمهُ والشاتم في المسجد والمشتوم خارج المسجد يحنث، ولو كان على العكس لا يحنث، لأن غرض الحالف من هذه اليمين صيانة نفسه عن مباشرة ما لا يحل مباشرتهُ في المسجد، وهو الفحش واللغو، وهذا المقصود إنما يحصل بما قلنا.

في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: رجل جرى بينه وبين والدته تشاجر، وقال الرجل لوالدتهِ: اكر مرأ تركي فامرأتي طالق وخرج من المنزل، وقالت والدتهُ مه بوتاش ومردون بو فسمع الرجل هذه المقالة طلقت امرأتهُ. قال لأن هذا....كبدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>